لحكم شرعي بقاعدة الملازمة لما أشرنا إليه مرارا من أن حكم العقل المستتبع لحكم شرعي انما هو الحكم الواقع في سلسلة علل الأحكام الشرعية دون الواقع في سلسلة معلولاته كما في المقام (وبالجملة) ليس معنى حكومة العقل في المقام الا حكمه بوجوب الامتثال الظني عند تعذر الامتثال القطعي بقسميه بحيث يكون المكلف بعد الاتيان ظانا بفراغ ذمته عن التكليف المعلوم ولكن هذا لا يتحقق الا في حكم واحد كوجوب الصلاة إلى القبلة أو ما يكون في حكمه كما إذا علم المكلف بفوات صلوات متعددة فإن الواجب عليه بحكم العقل بعد تعذر القطع بالفراغ الاتيان بمقدار يظن معه بفراغ ذمته عن التكاليف المعلومة اجمالا وأما في مثل المقام الذي يدور أمر التكاليف بين أن تكون في طائفة مظنونة أو طائفة أخرى مشكوكة أو في طائفة ثالثة موهومة فلا معنى لان يكون حكم العقل بوجوب الاتيان بالمظنونات من باب حكمه بتعين الامتثال الظني عند تعذر القطعي منه بل هو من باب حكمه بتنجز التكاليف المعلومة اجمالا في مقدار من أطراف العلم وعدم تنجزه في مقدار آخر وأين ذلك من حكم العقل بلزوم امتثال التكليف المنجز بالظن عند تعذر القطع وعلى ذلك فإذا تعذر الامتثال القطعي بقسميه كما هو المفروض فلا مناص من تبعيض الاحتياط باخراج الموهومات والعمل بمقتضى العلم الاجمالي في المشكوكات والمظنونات فإذا فرضنا قيام الاجماع على عدم وجوب الاحتياط في المشكوكات فإن كان بمعنى إخراج المشكوكات من دائرة حكم العقل بوجوب الاحتياط كما كان كذلك في الموهومات فلا مناص من العمل بالمظنونات وتبعيض الاحتياط باخراج المشكوكات والموهومات ولا يفرق في ذلك بين كون المدرك لعدم جواز الاهمال هو العلم الاجمالي وبين كونه الاجماع أو لزوم الخروج من الدين أما إذا كان المدرك له هو العلم الاجمالي فلان مقتضى العلم الاجمالي هو الاحتياط التام حتى في المشكوكات والموهومات فإذا فرض سقوطه فيهما فيتعين العمل على طبقه في خصوص المظنونات على ما بينا الملاك فيه سابقا وأما إذا كان المدرك هو الاجماع أو لزوم الخروج من الدين من الاهمال فلانا وان ذكرنا في الدورة السابقة وأشرنا إليه فيما مر من أن لازم ذلك هو تردد الامر بين العمل بالمظنونات بما هي مظنونات التكليف وبين كون الظن حجة شرعية الا أن الصحيح عدم التردد في ذلك لان الحجة الشرعية على الكشف لا بد وأن تكون واصلة بنفسها أو بطريقها وحيث أن حجية الظن غير واصلة والاحتياط في المظنونات طريق واصل بنفسه فلا محالة يكون الثاني متعينا وبالجملة مقتضى قيام الاجماع على عدم وجوب
(١٣٦)