والموجب للعسر في المقام هو موضوع الحكم العقلي دون الشرعي (وأنت خبير) بفساد ذلك أما (أولا) فلان مفاد أدلة نفي الحرج وان سلمنا أنه نفي الحكم بنفي موضوعه الا أنه لا اشكال في حكومتها على الأحكام الشرعية وأنها تنفي كل حكم شرعي يكون موضوعه حرجيا بل لو لم نقل بالحكومة لقدمت عليها أيضا بالأظهرية وحينئذ فمقتضى تلك الأدلة ان الموارد المحتملة التي يلزم من الاحتياط فيها حرج يكون الحكم الشرعي في تلك الموارد على تقدير وجوده فيها مرفوعا ويكون نتيجة ذلك هو التكليف المتوسط باتيان مقدار من المحتملات وترك المقدار الزائد الموجب للعسر والحرج (وتوضيح ذلك) ان حال الحرج في رفعه للأحكام الشرعية حال الاضطرار في رفعه لها من دون فرق بينهما الا في أن الحرج لكونه رافعا شرعيا يمكن أن يكون رافعا لملاك الحكم أيضا وهذا بخلاف الاضطرار فإنه لا يرفع الأنفس الحكم دون ملاكه وسيجئ في مسألة الاضطرار إلى بعض أطراف العلم الاجمالي أن الاضطرار إذا كان إلى بعض معين من الأطراف فإن كان قبل العلم الاجمالي بوجود التكليف بين الأطراف فلا أثر للعلم الاجمالي أصلا وأما إذا كان بعده فيكون حال الاضطرار حال الفقدان في لزوم الاجتناب عن الطرف الغير المضطر إليه ضرورة ان مقتضى الاضطرار هو ارتفاع الحكم عما اضطر إليه على تقدير وجود الحكم فيه لا مطلقا وأما الاضطرار إلى الغير المعين فلا يفرق فيه بين سبقه على العلم الاجمالي أو تأخره عنه في أن مقتضاه هو المعذورية في مخالفة الحكم الواقعي إذا صادف مورده للطرف المختار لا مطلقا مثلا إذا علم بوجود النجاسة بين أحد الإنائين وفرض اضطرار المكلف إلى شرب واحد منهما فمقتضى الاضطرار أن الاناء الذي يختار المكلف شربه خارجا إذا كان في الواقع هو الاناء النجس فلا محالة يكون المكلف معذورا في مخالفته وأما إذا كان النجس هو الاناء الآخر فلا موجب لمعذورية المكلف في ارتكابه ضرورة أنه لا يحتمل اضطرار المكلف إلى شرب النجس في المثال وانما يحتمل مصادفة ما يختاره في الخارج مع الاناء المتنجس ولازم ذلك هو المعذورية في فرض المصادفة لا مطلقا وهذا هو التكليف المتوسط من حيث التنجز وكذلك الحال في الحرج فإذا كان رعاية المعلوم بالاجمال في بعض الأطراف حرجيا فلازم ذلك هو معذورية المكلف عن مخالفة الاحكام الموجودة في تلك الموارد لا مطلقا مثلا إذا علم بوجود تكاليف بين الموارد المظنونة والمشكوكة والموهومة والمفروض أن رعاية العلم الاجمالي في تمام تلك الأطراف مستلزمة للوقوع في العسر والحرج فلازم ذلك هو ترك مقدار
(١٣٣)