رأيه وفتواه فكما انه عند الشك في إرادة خلاف الظاهر يفتى على طبق الظاهر ويجب على المقلد ابتاعها وان لم يحصل له شك في ذلك بل كان غافلا محضا فكذلك عند الشك في بقاء الحكم الكلي مع تبدل بعض الحالات يفتى ببقاء الحالة السابقة ويجب على المقلد اتباعها فشك المجتهد في بقاء مثل هذا الحكم يساوق شك عموم المكلفين في ذلك إذ شكه في ذلك موجب لافتائه بالبقاء الواجب اتباعها عليهم وما يقال من أن المجتهد نائب عن المقلدين في الشك المذكور وفي جريان الاستصحاب في حقه كلام لا معنى له بل الوجه في الجريان هو ما ذكرناه ليس إلا " إذا عرفت ذلك فنقول " لا ريب أن حكم المجتهد بنجاسة الماء المذكور يتوقف على فعلية شكه كما عرفت واما علمه بان هناك احكام كلية ثابتة على موضوعاتها المقدر وجوداتها وعلمه بان بعض تلك الموضوعات ربما يتغير بعض حالاتها وان وظيفته هو اجراء الاستصحاب في تلك الموارد فهو لا يتوقف على وجود شك وفعلية استنباط أصلا بل هو حاصل للمجتهد من أول الأمر وفي عرض هذا العلم يعلم علما اجماليا أيضا بان جملة من تلك الموارد التي لا بد وان يفتى فيها بالاستصحاب مخالفة للواقع أو ان هناك امارات معتبرة قائمة على خلافها وإذا كان كذلك فحيث ان الأحكام الشرعية كلها في عرض واحد والتدريجية انما هي في الاستنباط فأول مسألة يشك المجتهد فيها لا يمكن له ان يفتي فيها بالحكم بمقتضى الاستصحاب إذ نسبة العلم الاجمالي إلى الجميع على حد واحد وان لم يكن الشك في الجميع فعليا (وبالجملة) تدريجية الاستنباط واستفادة الحكم الشرعي من الأدلة لا ربط لها بتدريجية نفس الأحكام الشرعية ومع علم المجتهد بان جملة من استنباطاته تكون مخالفة للواقع أو للدليل المعتبر على خلافها لا يمكن له الفتوى في أول مسألة يقوم فيها مقام الاستنباط (هذا) مع أنه لو لم يكن هذا العلم الاجمالي مانعا عن اجراء الأصول المثبتة لما كان مانعا عن اجراء الأصول النافية أيضا فان المخالفة القطعية المانعة عن جريانها انما تكون كذلك فيما إذا كان الشك في تمام الأطراف فعليا ومع عدمه لا مانع من اجرائها كما هو المفروض فلا وجه للتفكيك بين الأصول المثبتة والنافية كما هو واضح " ثم " ان ما افاده قده من احتمال انحلال العلم الاجمالي بضم الأصول المثبتة إلى القطعيات يرد عليه (أولا) ما أشرنا إليه من أن الأصول المثبتة في غاية القلة والندرة فيكف يمكن أن يكون ضمها إلى القطعيات موجبا لانحلال العلم الاجمالي (وثانيا) لو سلمنا انحلال العلم الاجمالي بالأحكام الواقعية بضمها إلى القطعيات لكونها بقدرها لكن العلم الاجمالي بوجود احكام كثيرة في الامارات الموجودة بأيدينا يستحيل انحلاله
(١٣١)