وصاحب الفصول (قدهما) الأقوى وفاقا لشيخنا العلامة الأنصاري ومن تأخر عنه من المحققين (قدهم) هو الأول ولا يخفى أن هذا التنبيه كان من حقه ان يؤخر عن التنبيه الثاني وهو بيان أن نتيجة المقدمات هو الاهمال أو التعميم لكل ظن فيقال انه بعد البناء على التعميم فهل يقيد حجية الظن بكون متعلقه حكما أصوليا أو فرعيا أو لا يختص بشئ منهما ولكن شيخنا العلامة الأنصاري (قده) حيث قدم هذا التنبيه فتبعناه في ذلك أيضا " واستدل للقول الثالث بوجوه " يرجع بعضها إلى دعوى الانسداد الصغير في خصوص الطريق وترتيب حجية الظن بالطريق عليها وبعضها إلى ترتب حجية الظن بالطريق على دعوى الانسداد الكبير في الأحكام الشرعية ونحن لا نتعرض إلا لوجهين من تلك الوجوه يرجع الأول منهما إلى دعوى الانسداد الصغير والثاني إلى دعوى الانسداد الكبير واما بقية الوجوه فيرجع إلى هذين الوجهين (الوجه الأول) هو الذي افاده صاحب الفصول (قده) واقتصر عليه وحاصله انا كما نقطع بوجود احكام كثيرة انسد فيها باب العلم كذلك نقطع بانا مكلفون بالعمل بطرق مخصوصة ومرجع القطعين إلى القطع بوجوب العمل بمؤدى تلك الطرق وحيث لا طريق لنا غالبا إلى تعيين تلك الطرق بالقطع فلا بد من تعيين ذلك بالظن والعمل على طبقه (ولا يخفى) أن كلامه هذا لا يبتنى على دعوى تقييد الأحكام الواقعية بكونها مؤديات الطرق الشرعية ولا على دعوى انقلاب التكليف بالواقعيات إلى التكليف بالعمل بمؤدى الطرق الشرعية ولا على دعوى التصويب المجمع على بطلانه بل هو مبتن على دعوى انحلال العلم بالتكاليف الواقعية بالعلم بجعل طرق خاصة وافية بمعظم الفقه وإن لم تكن تلك الطرق واصلة إلينا ومتميزة تفصيلا وعلى ذلك كان يبتنى الدليل العقلي السابق المذكور لحجية الخبر بدعوى الانسداد الصغير في تمييز الاخبار الصادرة عن المعصومين صلوات الله عليهم وقد أشرنا هناك إلى أن تلك الدعوى لا تفترق عن دعوى صاحب الفصول الا في أن المعلوم بالاجمال هناك كان خصوص الخبر والانسداد انما كان في التطبيق وهذا بخلاف المقام فإن المعلوم بالاجمال هنا وجود طرق في الجملة والانسداد انما هو باعتبار عدم التمييز لطريقية الطريق (وبعبارة أخرى) الشبهة في المقام حكمية وهناك موضوعية ولأجل توهم الانحلال المذكور ذهب جماعة إلى أن الموجب للعقاب انما هو مخالفة الحجة ولو لم تكن واصلة واما مخالفة الأحكام الواقعية التي ليس على طبقها حجة ولو كانت غير واصلة فلا توجب عقابا وحيث قد ذكرنا هناك ان انحلال العلم الاجمالي لا يمكن الا بوصول الحجة حكما وموضوعا إذ الطريق الغير الواصل
(١٤٠)