أجود التقريرات - تقرير بحث النائيني ، للسيد الخوئي - ج ٢ - الصفحة ١٣٥
إلى معين آخر فيدور الامر بين التبعيض في الاحتياط وبين العمل بالظن فلا يستقل العقل بواحد منهما من دون معين خارجي وأما إذا بنينا على وجوب الاحتياط عقلا من جهة حكمه بوجوب الموافقة القطعية في موارد العلم الاجمالي فالاحتياط الكلي المخل بالنظام لا يكون واجبا يقينا والمرتبة النازلة منها الموجبة للعسر والحرج لا تجب من جهة أدلة نفي الحرج بالتقريب المتقدم فيتعين التبعيض في الاحتياط بمقدار لا يكون حرجيا ولا تصل النوبة إلى حجية الظن أصلا (ثم) إذا فرضنا قيام الاجماع على عدم جواز الاحتياط في المشكوكات أيضا فيمكن فرضه بمعنى أن الشارع كما لم يوجب الاحتياط في طائفة الموهومات لم يوجبه في طائفة المشكوكات أيضا فهاتان الطائفتان تكونان خارجتين عن أطراف ما يجب الاحتياط فيه ولا يترتب عليه حكم العقل بتعين العمل بالظن كشفا وحكومة ويمكن فرضه بمعنى أن الاجماع قام على أن بناء الشارع في امتثالات أحكامه حال الانسداد ليس على الامتثال الاحتمالي مطلقا حتى في المظنونات فيكون لازم ذلك هو كشف العقل عن حجية الظن حال الانسداد لا محالة (وتوضيح) ذلك انما هو ببيان معنى الكشف والحكومة أما معنى الكشف فلا اشكال في أنه عبارة عن كشف العقل عن جعل الشارع الظن حجة وطريقا إلى احكامه بحيث يترتب عليه ما يترتب على غيره من الحجج الشرعية وأما معنى الحكومة فليس ما تخيله جملة من الاعلام من كونه عبارة عن حكم العقل بكون الظن حال الانسداد كالقطع حال الانفتاح موجبا لتنجز ما تعلق به ويكون حجة منجعلة في هذا الحال ضرورة أن ما لا يكون كذلك في حد ذاته يستحيل أن يكون كذلك في حال من الأحوال فإن احتمال الخلاف المنافي للطريقة الذاتية المنجعلة من مقومات الظن فكيف يمكن أن ينخلع عنه بل الحكومة عبارة عن حكم العقل عن التنزل عن الامتثال القطعي إلى الامتثال الظني وتوضيحه أن العقل يحكم أولا بوجوب امتثال الاحكام على وجه القطع تفصيلا ومع تعذره يتنزل إلى الحكم بوجوبه قطعيا اجماليا ومع تعذره أيضا فيحكم بوجوبه ظنيا ومع تعذره فيحكم بوجوبه احتماليا مثلا إذا تمكن المكلف من امتثال التكليف بوجوب الصلاة إلى القبلة قطعيا تفصيلا فيحكم بتعينه ولا يتنزل معه إلى بقية مراتب الامتثال وعند تعذره يتنزل إلى الامتثال القطعي الاجمالي بالصلاة إلى أربع جوانب ومع تعذره أيضا يحكم بوجوب الصلاة إلى الطرف المظنون كونه قبلة ومع تعذره يحكم بوجوب الامتثال احتماليا وحيث أن حكم العقل في مرتبة الامتثال حكم ارشادي محض وواقع في سلسلة المعلولات فيستحيل كونه مستتبعا
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»