الواقع تمام الموضوع للآثار المزبورة (لا انها) من آثار المقطوع و المرئي بوجوده الواقعي كما توهم، كيف وفي ملاحظة موارد الجهل المركب شهادة على خلافه كما في القاطع بالتكليف بالقطع المخالف للواقع حيث إنه بمجرد قطعه يترتب عليه حكم العقل بلزوم الامتثال وحسن الطاعة ولذا لم يشك أحد في حسن الانقياد وكالعطشان القاطع بكون السراب ماء والجبان القاطع بكون الشبح أسدا (حيث) يرى بالوجدان انقداح تلك الحالة الباعثة للتوجه نحو السراب والفرار عن الشبح، مع أنه لا واقع لمقطوعه في الخارج، وبالعكس في القاطع بكون الخمر ماء والماء سرابا والأسد شبحا، حيث لا حكم للعقل في الأول بوجوب الاجتناب ولا ينقدح في النفس تلك الحالة الباعثة للتوجه نحو الماء (فإنه) يكشف ذلك كله عن ما ذكرناه من كون تلك الآثار من آثار العلم والكاشف ومن لوازم المرئي بوجوده الزعمي الملحوظ كونه في لحاظه مرآتا للخارج بنحو لا يلتفت بهذا اللحاظ إلى ذهنيته لا من آثاره بوجوده الواقعي (ولعل) منشأ التوهم المزبور أيضا هو ما يقتضيه العلم وغيره من الصفات من التعلق أولا و بالذات بالصور الذهنية الملحوظ كونها مرآتا للخارج بنحو لا يلتفت إلى ذهنيتها الا بلحاظ أخرى ثانوي، فان هذه الجهة من المرآتية للخارج صار منشأ لتخيل كون تلك الآثار آثارا للمرئي بوجوده الخارجي الذي هو المعلوم بالعرض، مع كونها بحسب الدقة والحقيقة بالنظر الثانوي من آثار المرئي بوجوده الذهني ومن لوازم نفس العلم من حيث منوريته وكاشفيته (ثم إن ذلك) بالنسبة إلى الأعمال المترتبة على القطع، واما الآثار الشرعية كحرمة الشرب مثلا في الخمر فلا ريب في كونها مترتبة على نفس عناوين موضوعاتها بوجودها، الواقعي بلا مدخلية فيها للقطع أصلا.
الجهة الثانية لا ريب في أن مرجع القطع بكل شئ انما هو إلى تعلقه بالنسبة بين الشئ ووجوده أو وصفه العنواني كخمرية الموجود أو بالنسبة بين المعنون بالوصف العنواني والمحمول المترتب عليه، وبهذه الجهة قيل إن القطع بكل قضية هو عين إثبات النسبة فيها على معنى الحكم بالثبوت المساوق للتصديق بثبوتها الذي هو أحد