أجزأ القضية على القول بالتربيع في اجزائها، وبذلك يكون القطع بكل شئ من شؤون النسبة بين المنتسبين وفي رتبة متأخرة عنها، و لازمه هو امتناع أخذ عنوانه في أحد طرفيها من الموضوع أو المحمول بلحاظ تأخر رتبته عن النسبة المتأخرة عنهما (وبذلك) لا بد من تجريد كل من المنتسبين من مثل هذا الشأن بحيث لو تشكل القضية يقال هذا موجود أو خمر أو حرام من دون أخذ عنوانه جزا للموضوع أو المحمول بان يقال هذا مقطوع الخمرية أو مقطوع الحرمة ونحو ذلك، كيف وان عنوان الموضوع أمر واقعي يدور مدار واقعه وكذا المحمول المترتب عليه يدور ترتبه مدار واقع عنوان الموضوع من غير أن يكون لعنوان القطع به دخل في ترتبه على موضوعه (ومن هذه الجهة) نقول أيضا بعدم صحة إطلاق الحجة بمعناها المصطلح على القطع على نحو إطلاقها على غيره وان صح إطلاقها عليه بمعنى آخر وهو القاطعية للعذر، فان الحجة بالمعنى المصطلح في فن الميزان عبارة عن الوسط الذي به يحتج لثبوت الأكبر للأصغر لما بينه وبين الأكبر الذي أريد إثباته للأصغر من نحو علقة وربط ثبوتي بنحو العلية أو المعلولية أو التلازم كما في التغير في قولك العالم متغير وكل متغير حادث (ومن المعلوم) بداهة عدم تصور ذلك بالنسبة إلى القطع الطريقي الذي شأنه مجرد التصديق بثبوت النسبة بين المنتسبين، إذ لا يكاد يطلق عليه الحجة بالمعنى المزبور ولا يصح أخذ عنوانه في أحد المنتسبين من الموضوع أو المحمول في مقام تأليف القياس بمثل ان هذا مقطوع الخمرية وكل مقطوع الخمرية خمر أو حرام لما عرفت ان عنوان الموضوع أمر واقعي يدور مدار واقعه وان ترتب الحرمة انما كان على نفس عنوان موضوعه وهو الخمر من دون ان يكون للقطع دخل في ترتبه عليه بل ولا له علاقة ثبوتية أيضا مع الأكبر ولو بنحو التلازم كما هو واضح (ومن التأمل) فيما ذكرنا ظهر لك عدم صحة إطلاق الحجة في باب الأدلة عليه أيضا، لان الحجة في باب الأدلة عبارة عن الطرق والامارات الواقعة وسطا لاثبات أحكام متعلقاتها بحسب الجعل الشرعي ومثله لا يكاد يصدق على القطع، فإنه من جهة ذاتية طريقيته وتماميته كشفه يكون بنفسه عين إثبات الشئ لا واسطة له فمجرد تعلقه بالنسبة بين الشئ ووجوده أو وصفه العنواني كخمرية الموجود بعد إحراز أصل الكبرى من الأدلة الخارجية
(١٠ ٣)