المعلوم عليه من الأطراف (ثم إن المنشأ لتوهم) التفكيك المزبور انما هو تخيل كون متعلق العلم الاجمالي هو نفس الجامع بين الطرفين بما انه حاك عن منشأه نظير الجامع المأخوذ في حيز التكاليف الشرعية فيقال ان شأن العلم إجمالا أو تفصيلا بعد إن كان تنجيز متعلقه لا غيره فلا جرم ان المنجز بالعلم الاجمالي ليس الا نفس الجامع بين الطرفين، بلا سراية إلى الخصوصيتين ولازمه وإن كان وقوع كل واحد من العناوين التفصيلية موردا للترخيص العقلي بمناط قبح العقاب بلا بيان، ولكنه من جهة استتباع الترخيص في ارتكاب جميع الأطراف لمحذور الوقوع في المخالفة القطعية لذلك التكليف المعلوم بالاجمال، يقتصر في مقام الارتكاب على بعض الأطراف، إذ هو مقتضى الجمع بين تنجز الجامع وبين الترخيص في ارتكاب كل واحد من الأطراف بعناوينها التفصيلية كما هو الشأن في جميع الواجبات التخييرية التي يكون مرجع الوجوب فيها إلى إيجاب الجامع بين الافراد فكما ان مقتضى الامر بالجامع هناك مع الترخيص في ترك الخصوصيات هو الاقتصار في الترك على بعض الأطراف دون جميعها لافضاء ترك الجميع إلى محذور المخالفة القطعية للتكليف بالجامع كذلك الامر في المقام أيضا (ولكنك خبير) بما فيه إذ نقول إن متعلق العلم الاجمالي ومعروضه وإن كان هو الجامع بين الطرفين ليس الا لبداهة خروج الخصوصيتين عن متعلق العلم رأسا، لكن لا بما انه في حيال ذاته ولا بما انه حاك عن منشأه كما في الطبيعي المأخوذ في حيز التكاليف، بل بما انه مرات إجمالي عن الخصوصية الواقعية المرددة في نظره بين إحداهما بنحو تكون نسبته إليها نسبة الاجمال والتفصيل بحيث لو كشف الغطاء كان المعلوم بالاجمال عين المعلوم التفصيلي وينطبق عليه بتمامه لا بجز تحليلي منه كالطبيعيات الصرفة، فيكون المقام من هذه الجهة أشبه شئ بمدلول النكرة الذي هو عبارة عن إحدى الخصوصيات قبال عنوان الواحد الحاكي عن صرف منشئه من دون ان يكون مرآتا إجماليا للخصوصية وإن كان بين المقامين فرق من حيث إن النكرة يراد بها الخصوصية المبهمة بنحو لا تعين لها في الواقع أيضا، بخلاف المقام حيث إن للعنوان المعلوم بالاجمال واقعا محفوظا بنظر القاطع، و لكنه مجهول عنده فلم يدر انه هذا أو ذاك والسر في الفرق المزبور هو ان الجامع في متعلق الاحكام عبارة عن نفس الطبيعة لا بوصف
(٤٧)