التكليف بالأكثر نفسه ولا للتخلص عن احتمال العقوبة على ترك الخصوصية المشكوكة حتى يجديه دليل الرفع، وانما ذلك من جهة كونه من لوازم الفراغ عن عهدة التكليف بالأقل، ودليل الرفع على فرض جريانه لا يكاد يرفع هذا الحكم العقلي الا على فرض كونه ناظرا إلى تعيين كون الأقل هو تمام المأمور به واقعا، وهو أيضا مما عرفت الكلام فيه مفصلا - ثم إن ذلك كله - على القول بالاحتياط العقلي في المقام - واما على القول - بالبرأة العقلية كما هو المختار، فقد عرفت انه تجري البراءة النقلية أيضا كحديث الرفع والحجب في نفي المشكوك فيه بل ودليل الحلية أيضا في وجه، بل وكذا يجري فيه استصحاب العدم من غير حاجة إلى إثبات كلية الأقل كي يتوجه إشكال المثبتية - فإنه - بعد رجوع العلم الاجمالي في المقام إلى علم تفصيلي بتعلق مرتبة من التكليف بالأقل وشك بدوي في تحقق مرتبة أخرى منه متعلقة بالزائد، فلا شبهة في أن الأصل يقتضي عدمه لتحقق أركانه من اليقين السابق والشك اللاحق، ونفي هذه المرتبة وان لم يثبت حد التكليف بخصوص الأقل، ولكنه يكفي حينئذ في عدم الالتزام بالمشكوك فيه مجرد عدم وجوبه من الأزل بضميمة اكتفاء العقل في حكمه بتحصيل الفراغ بالاتيان بما علم وجوبه وان لم يعلم أنه تمام المأمور به - من غير فرق - بين ان يكون المستصحب هو عدم وجوب الجز المشكوك فيه،، أو عدم وجوب الأكثر المشتمل على الجز المشكوك فيه - فإنه - على كل تقدير يجري استصحاب عدم وجوبه أزلا، بل وأصالة عدم جعله لتحقق أركانه من اليقين السابق والشك اللاحق حتى في الأول - لان - ما اختل فيه ركنه حينئذ انما هو العدم النعتي بما هو مفاد ليس الناقصة بنحو يصدق مجعول مركب لم يلحظ فيه الجز المشكوك فيه، لا العدم المحمولي بما هو مفاد ليس التامة - فإنه لا ريب - في كونه مسبوقا باليقين بالعدم - فإذا - كان مرجع جعل الشئ إلى تعلق اللحاظ به بجعله واجبا أو جز وكان يختلف مراتب الجعل واللحاظ أيضا بوحدة المجعول وتعدده، فلا جرم بعد اليقين بتحقق مرتبة منه و الشك في تحقق مرتبة أخرى تجري أصالة عدم الوجوب أو أصالة عدم تعلق الجعل بالجز المشكوك فيه وبالاكثر المشتمل عليه - وتوهم - انه لا أثر لمجرد عدم تعلق اللحاظ والجعل
(٣٩٤)