موارد الدوران بين التخيير والتعيين الشرعي كما في الخصال الثلاث فإنه بمقتضى ما ذكرناه من البيان لا بد من الاحتياط بالاتيان بما يحتمل وجوبه تعيينا (من دون) فرق بين القول برجوع التخيير فيه إلى التخيير العقلي الراجع إلى كون الواجب هو الجامع بين الأمور المزبورة، وبين القول برجوعه إلى وجوب كل واحد منها بوجوب مستقل ناش من مصلحة مستقلة وانه بالاتيان بأحدها يسقط الوجوب عن البقية لمكان المضادة بين ملاكاتها في مقام التحقق (فإنه) على كل تقدير عند الشك في الوجوب التعييني لاحدها لا بد بمقتضى العلم الاجمالي المزبور من الاحتياط عقلا بإتيان ما يحتمل تعيينيته وإلى ما ذكرنا يكون نظر الشيخ (قده) في مصيره إلى إلحاق المقام بالمتبائنين لا الأقل والأكثر، فلا يلزم عليه حينئذ الالتزام بالبرأة في المقام على نحو ما اختاره في الأقل والأكثر كي يشكل عليه بأنه لا وجه للتفكيك بين المقامين فتدبر، هذا كله في البراءة العقلية - واما البراءة الشرعية - فعلى المختار من علية العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية لا تجري البراءة الشرعية أيضا - واما على القول - باقتضاء العلم الاجمالي لذلك، فالظاهر أنه لا مانع عن جريانها في كل واحد من التركين وهما ترك العتق في ظرف وجود الاطعام و الصيام وترك الاطعام والصيام المقرون بترك العتق - وذلك - اما من جهة العلم الاجمالي فلما هو المفروض من اقتضائه لوجوب الموافقة القطعية وقابليته لمنع المانع، واما من جهة محذور استتباع جريانها للمخالفة القطعية، فلعدم لزومها في المقام، لان ما يعلم تفصيلا حرمته انما هو ترك العتق المقارن لترك الاطعام والصيام واما تركه في ظرف وجود الاطعام والصيام فلا يعلم حرمته، كما لا يعلم أيضا حرمة ترك الاطعام والصيام المقرون مع ترك العتق، لأنه من المحتمل كون العتق هو الواجب التعييني، إذ على هذا التقدير لا يكون ترك الاطعام والصيام حراما ولا معاقبا عليه وانما العقاب حينئذ يكون على ترك العتق، غاية الأمر انه قارن ترك الاطعام والصيام مع ترك العتق الذي هو المحرم والمعاقب عليه (وبذلك) يندفع توهم المنع عن جريان البراءة في طرف ترك الصيام والاطعام في ظرف ترك العتق، بدعوى العلم التفصيلي بحرمته والعقوبة عليه (وجه) الاندفاع ما عرفت من أن المعلوم تفصيلا حرمته انما هو ترك العتق في ظرف ترك البقية لا ترك الصيام والاطعام المقرون بترك العتق
(٣٩٨)