على لزوم ان يكون الانبعاث عن بعث سابق عليه زمانا بل ذلك لا يمكن وقد أثبتنا محاليته وقلنا إن نسبة البعث إلى إمكان الانبعاث نسبة العلة إلى المعلول. وعليه بنينا إنكار الواجب المعلق بل البعث في الزمان السابق - كما توهمه المتوهم - اما ان لا يبقى إلى زمان الانبعاث فيكون الانبعاث لا عن بعث وهو محال. وإما ان يكون باقيا فيكون وجوده في الزمان السابق لغوا وبلا فائدة. نعم الذي لا بد من سبقه في الواجب المضيق بل في الواجب الموسع إذا أراد الامتثال فيه من أول الوقت هو العلم بالخطاب حتى يتهيأ للامتثال من أول زمان وجود الخطاب، فلو علم المكلف بلزوم الامساك من أول الفجر وأن هذا الخطاب يصير فعليا أول آن طلوع الفجر، فينبعث منه إلى الامساك من ذلك الوقت، بل ربما يمسك قبل آن وجود الخطاب مقدمة للعلم بحصول الامساك من آن أول طلوع الفجر. وثمرة هذه المقدمة ان الامر بالأهم لا يسقط في ظرف عصيانه الذي هو في زمان فعلية المهم ففي ظرف فعلية المهم الامر بالأهم أيضا موجود، فيجتمع الطلبان في الوجود بحسب الزمان فإذا ضممنا هذه المقدمة إلى المقدمتين السابقتين ينتج ان الطلبين موجودان في زمان واحد بدون ان يكون الامر مريدا للجمع بين المطلوبين.
(المقدمة الرابعة) - في أن انحفاظ الخطاب على ثلاثة أقسام: (الأول) - انحفاظه بواسطة الاطلاق والتقييد اللحاظيين بمعنى أن الحكم الوارد على طبيعة و الخطاب المتعلق بها يتحقق بعد ملاحظتها إما مقيدة بقيد من جهة تقيد الملاك بذلك القيد، واما مرسلة ومطلقة لاطلاق الملاك وعدم تقيده بقيد (وبعبارة أخرى) الخطاب تابع للملاك فان كان الملاك مطلقا غير مقيد وجوده في متعلق الخطاب بقيد وخصوصية فالامر أو الناهي يلاحظ متعلق خطابه أو موضوعه مطلقا ومرسلا ان أمكن لحاظه كذلك، واما ان كان وجود الملاك فيه مقيدا بقيد فلا محالة يلاحظ المتعلق أو الموضوع مقيدا بذلك القيد ان أمكن لحاظه كذلك.
واما ان لم يمكن لحاظ موضوع الخطاب مقيدا فيما إذا كان الملاك مقيدا أو لم يمكن لحاظه مطلقا فيما إذا كان الملاك مطلقا فلا بد