منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ٣٠١
مقدمة الواجب، كما تقدم وجهه وإنما ذكروها في مباحث الألفاظ، لانهم لم يفردوا بابا للمسائل العقلية وحيث أنه غالبا تكون الواجبات مفاد الأوامر اللفظية فلعله بهذه المناسبة ذكروها في مباحث الألفاظ، و من الواضحات أنه لا خصوصية لخصوص اللفظ في المقام. وأما كونها من المسائل الأصولية فلما ذكرنا مرارا من أن المناط في كون المسألة أصولية هو وقوع نتيجة البحث عنها في طريق استنتاج الحكم الفرعي الكلي (وبعبارة أخرى) تكون واسطة في الاثبات للمحمولات الفقهية بالنسبة إلى موضوعاتها، ومعلوم أن مسألتنا كذلك لأنه - على تقدير الاقتضاء - تكون واسطة لاثبات الحرمة للضد كالصلاة التي هي ضد للإزالة الواجبة مثلا، وعلى تقدير العدم يثبت عدم الحرمة. وقد ظهر مما تقدم أنه ليس المراد من الاقتضاء إحدى الدلالات الثلاث في مقام الاثبات، بل المراد به الاقتضاء في مقام الثبوت.
(الثاني) - أن المراد بالضد ليس هو الضد الاصطلاحي الحكمي الذي هو عبارة عن أمر وجودي يكون بينه وبين أمر وجودي آخر غاية الخلاف و يتعاقبان على موضوع واحد، بل المراد مطلق المنافي والمعاند ولو كان أمرا عدميا كنقيض الشئ أعني عدمه وبهذه الجهة يقولون ان ترك الإزالة مثلا ضد عام لها، مع أنه نقيضها. وأما تسميته بالعام فمن جهة ملائمته واجتماعه مع كل واحد من الأضداد الخاصة، فترك الإزالة - مثلا - يلائم ويجتمع مع الصلاة والأكل والشرب والنوم و السكوت وهكذا سائر الأفعال والحركات والسكنات.
(الثالث) - أنه إذا تبين ما ذكرنا فالكلام يقع في مقامين:
(الأول) - في الاقتضاء وعدمه بالنسبة إلى ضده العام، فنقول: - بعد ما تقدم - أن الاقتضاء ليس هاهنا باعتبار الدلالة اللفظية، بل هو من باب حكم العقل، فاما أن يكون المراد من النهي الحرمة التي هي اعتبار تشريعي، وإما أن يكون المراد منه منشأ هذا الاعتبار أعني الكراهة التي هي من الكيفيات النفسانية والاعراض البسيطة الخارجية (فان كان هو الأول) فلا وجه للقول بأن اعتبار وجوب شئ ملازم عقلا لاعتبار حرمة ترك ذلك الشئ، بل يمكن تفكيك أحد الاعتبارين عن
(٣٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 ... » »»