منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ٤١٩
والا فهي بنفسها لا ترتفع الا برفع تكويني (وبعبارة أخرى) الملاك و المفسدة التي صار سببا ومقتضيا للنهي والتحريم كان مقتضيا للمانعية أيضا. ومن الممكن أن يقترن المقتضي بالمانع بالنسبة إلى أحد مقتضييه دون الاخر، وليس من قبيل العلة التامة لهما حتى يكون ارتفاع أحد المعلولين ملازما لارتفاع الاخر.
(الثاني) - هل أن الحرمة التشريعية كالحرمة الذاتية في إيجابها لبطلان العبادة أو المعاملة إذا تعلقت بهما أو لا؟ أو التفصيل بين العبادة والمعاملة، فالبطلان في الأول دون الثاني؟ الحق هو الأخير. أما بطلان العبادة بها فمن جهة أن الحرمة التشريعية عبارة أخرى عن القبح الفاعلي أي حكم العقل بقبح إصدار هذا الفعل من هذا الفاعل بما انه من الدين مع عدم قيام حجة عنده على أنه منه، وهذا الحكم العقلي يستتبع حكما شرعيا بقاعدة الملازمة. وعلى كل حال كلامنا في هذا المقام بعد الفراغ عن حرمة التشريع شرعا سواء كان إثباتها بقاعدة الملازمة أو بأحد الأدلة التي وردت في هذا الباب من الآيات و الروايات، فإذا كان إصدار الفعل حراما ومبغوضا شرعا ينافي ذلك عباديته ولا يمكن التقرب به. وأما بالنسبة إلى المعاملة فمثل هذا لا يوجب البطلان لأنه لا منافاة بين مبغوضية جهة الاصدار و إمضاء ما هو الصادر. فالحق هو التفصيل بين العبادة وبين المعاملة بدلالتها على الفساد في الأول دون الثاني.
(المقام الثاني) - في النهي عن المعاملة.
وخلاصة الكلام في هذا المقام هو أن النهي المتعلق بالمعاملة إما إرشادي بمعنى أنه يرشد إلى عدم وقوع مثل هذه المعاملة وعدم صحتها. ولا كلام في دلالة مثل هذا النهي على الفساد. وإما أن مفاده نفي ترتيب آثار الصحة على مثل تلك المعاملة، كقوله عليه السلام إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه، وقوله عليه السلام ثمن العذرة سحت وأمثال ذلك من الروايات. ولا شك في دلالة هذا القسم على الفساد أيضا، لان نفي الأثر ملازم لنفي المؤثر.
(القسم الثالث) - وهو أن يتعلق النهي بنفس المعاملة وهو على قسمين، لان النهي إما أن يتعلق بالمعنى المصدري أي بجهة إصدار هذه المعاملة أي مباشرة إنشائها
(٤١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 ... » »»