بالمسبب، بواسطة العلم بالسبب دائما، وتصور إنه لو كان الثاني حاصلا من الأول يرفع الأثر عنه في ظرفه وموطنه، وتمسكا بالتقريب المتقدم، وقد عرفت إنه لا محيص عما التزم به صاحب الكفاية، ولا معقولية لما تمسك به المقرر المتعجب، هذا فتحصل إنه إذا كان أحد العلمين متأخرا عن الاخر بحسب الحدوث، فيكون كذلك بقاء، فإن الحادث والباقي شئ واحد، ينطبق عليه العنوانان باعتبارين، فيستحيل أن تكون مرتبة بقائه مقدما على الحدوث، أي لا يعقل أن يكون الباقي مقدما على الحادث المتحد معه، وإلا يلزم تقدم الشئ على نفسه، فالعلم المتأخر متأخر حدوثا وبقاء، سواء تعلق بالعلة لمتعلق الأول، أو معلوله، مثلا إذا علمنا بالنار للعلم بالدخان، فيكون العلم بالدخان علة للعلم بالنار، فإن كان الامر بالعكس في المتعلقين، فالعلم بالدخان معلول للعلم بالنار، فإن العقل يحكم بإنه وجد العلم بالدخان، فوجد العلم بالنار، ومتأخر عنه رتبة، حدوثا وبقاء، فيما لم يتخلل العدم بين العلمين، ولم يتبدل العلم بالجهل، فلا تنقلب مرتبة العلم الثاني في عالم البقاء، ولا يلزم عدم كون بقائه في رتبة حدوثه، فحفظا لوحدة الرتبة بين الباقي والحادث، لابد من الالتزام بعدم مشاركة العلم الطولي في بقائه مع العلم المتولد منه أولا في الرتبة، وعلى هذا فلا يتعلق المتأخر بأطراف لم يثبت الاشتغال بها قبله، فلا يؤثر في التنجيز، ولا يوجب انقلاب المتقدم عليه وانحلاله، ولهذا قلنا بعدم تأثير العلم التفصيلي بوجوب الأقل، الناشي من العلم الاجمالي بوجوبه فقط، أو في ضمن الأكثر، فإنه بناء على كون وجوب الاجزاء غير ما يحصل، علم تفصيلي بوجوب الأقل عند الدوران، غاية الامر يتردد وجوبه بين أن يكون غيريا أو نفسيا، وقد نبهنا هناك على إن هذا العلم، لما كان متأخرا في الرتبة عن الأولى، ومتولدا منه، كان متعلقا بما اشتغلت الذمة به في الرتبة المتقدمة، بالعلم في تلك المرتبة بوجوب الأقل أو الأكثر، ويقتضي إتيان الأكثر احتياطا، فلا أثر له في المفروض أصلا، ثم إن ههنا إشكال عويص من بعض الفضلاء، لا ينحل على مسلك القائل بالاقتضاء، على تقدير كون المرجع في طرفي العلم ما يفيد طهارتهما، من الاستصحاب فيهما، أو قاعدة الطهارة كذلك، أو استصحابها في البعض، والطهارة في الاخر، وتقريب الاشكال، إنه لو فرض الملاقي كأس أسود، والملاقى بالفتح أحد
(٨٦)