الواقع، فإذا كان الطريق علة للتنجز، فالتنجز الحاصل من قبل قيام الطريق، الذي هو عين حكم العقل بوجوب الطاعة للامر المعلوم سابقا، واستحقاق العقوبة على ترك الامتثال، يقع في الرتبة المتأخرة عن العلم المتأخر عن الحكم الواقعي، فحكم العقل بوجوب الإطاعة، متأخر عن الحكم، وكذا عن الطريق إليه، لأنه قبل قيام الطريق إلى الحكم، لا مجال لحكم العقل بوجوب الإطاعة، فإنه حكم بقبح العقاب بلا بيان، فلو حدث علم إجمالي آخر بنجاسة ثالث، أو طرف الملاقى المتعلق بهما العلم الأول، فلا يعقل أن يوجب العلم المتأخر، تنجز متعلقه في الطرفين، حتى بالنسبة إلى ما قبل حصوله، كي يوجب انحلال الأول، وذلك لما عرفت من أن التنجز متأخر عن العلم، فيستحيل أن يتقدم عليه آنا ما، أو رتبة، وإذا كان الثاني متولدا عن الأول، كما في المقام، فلا يعقل تأثيره في التنجيز عند حصوله أيضا، لأنه مسبوق بالمنجز في بعض أطرافه، ومتأخر عنه بحسب الرتبة، فليس متعلقه قابلا للتنجز به على أي تقدير، فإن العلم الواقع في طول الاخر، متأخر عنه رتبة في عالم الحدوث، وإن كان متعلقا بالعلة لمتعلق الأول، وكذلك في عالم البقاء، لان الباقي عين الحادث، ولا تتعدد رتبتهما، ويستحيل أن تختلف رتبة الحادث مع رتبة الباقي، من دون تخلل العدم، فما لم يتخلل العدم، يستحيل أن يكون اختلاف بينهما حدوثا وبقاء، وتوهم إن الحدوث يكون مقدما على البقاء، لان البقاء فرع الحدوث، فهما مختلفان رتبة، فمدفوع بأن للحدوث تقدم ذاتي على البقاء، لكن الحادث والباقي يكونان في رتبة واحدة، فإن الحدوث والبقاء من أحوال الموجود الواحد، وليس للحدوث تقدما رتبيا على البقاء، ما لم ينته إلى تخلل العدم، ففي الخارج ليس إلا لوجود واحد، وحد واحد، فبقاء الشئ في الرتبة التي كان فيها الحدوث، يعني إن الوجود في أي رتبة كان، فالعدم أيضا في تلك الرتبة، فيستحيل انقلاب أحد العلمين، فإذا لم ينقلب العلمان، فحينئذ إذا تعلق العلم المتأخر، على التكليف السابق فلا يوجب التنجز، إلا في الرتبة اللاحقة، لا السابقة، فإذا كان العلم متعلقا بالتكليف، بأن كان ظرف التكليف سابقا على العلم، فلا يؤثر في عالم التنجز، إلا من حينه، فتحصل إن العلم بالعلة، وإن كان في رتبة متأخرة عن المعلول، لكنه لا يعقل أن يكون تنجيزه لها في رتبة سابقة على هذا العلم، فالعلم
(٨٤)