تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٣٥
أخرى، وخصوصية المقام ثالثة، أما من حيث مفهوم الشرط، فلان وجوب التبين علق على مجئ الفاسق بالخبر، فينتفي بانتفائه، ثم إنه إن كان المراد من التبين هو التبين العلمي، فلا إشكال في كون وجوبه إرشادا إلى تحصيل العلم بالمرام، وطرح خبر الفاسق، إذ لا يحصل منه العلم، ولا معنى للبحث من أن وجوبه نفسي أو غيري، فطريق الاستدلال حينئذ إن الفاسق، إن أخبر يجب تحصيل العلم بحاله، وأما العادل، أما أن يرد بلا تحصيل العلم به، أو يقبل كذلك لحجيته، والأول يستلزم أسوئية العادل من الفاسق، والثاني هو المطلوب، وإن كان المراد بالتبين هو الظني الوثوقي، فلا ريب إن وجوبه يكون غيريا مقدميا للعمل بالخبر الفاسق، فطريق الاستدلال حينئذ، أن يقال يجب التبين في خبر الفاسق، مقدمة للعمل به، وأما العادل، فأما أن لا يعمل بما أخبر أو يعمل به بلا تبين، والأول يستلزم الأسوئية، والثاني هو المطلوب، فظهر أن الاحتياج إلى ضم مقدمة الأسوئية كما هو المشهور هو المنصور أيضا، وكيف كان قد استشكل على المفهوم بوجوه.
منها، أن الآية مسوقة لبيان الموضوع، فلا مفهوم لها، مثل إن رزقت ولدا فاختنه، ونحو ذلك، مما يكون الحكم عقلا دائرا مدار تحقق الموضوع، ويرد عليه، إنه مسلم في مثل المثال، مما يكون تحقق الجزاء عقلا ملازما لتحقق الشرط، ففي مثله لا مفهوم للقضية، ولا محيص إلا من سوق القضية لبيان الموضوع، وأما أن علق الجزاء على ذات الموضوع الخاص المتحقق أيضا بدون الخصوصية، فالسلب الوارد عليه حينئذ، يكون بحسب انتفاء المحمول، لا الموضوع، كما لا يخفى، فالمعنى إن النبأ المتخصص بخصوصية صدوره من الفاسق، يتبين فيه، لا ذات النبأ من حيث هو، فينتفي التبين عند انتفاء الخصوصية لا محالة.
ومنها، أن الشرطية في المقام معللة بعلة جارية في مورد المنطوق والمفهوم، وهي الجهالة المذكورة في ذيل الآية، فيدور الامر بين رفع اليد عن عموم العلة بالمفهوم، أو العكس، ولا ريب في أولوية الثاني، لأظهرية العلة في العموم، من دلالة القضية على المفهوم، وفيه، أنه ليس المراد بالجهالة عدم العلم مطلقا، حتى يجري في كل من المنطوق والمفهوم، بل المراد بها الاعتماد على مالا يثق النفس ويطمئن به، ولا ريب في حصول الوثوق
(٣٥)
مفاتيح البحث: الوجوب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»