وصول الواقع إلى المكلف، بخلاف ما يدل على اعتبار الأصول، كما هو واضح، وعلى هذا، فاصطلاح تتميم الكشف بالنسبة إلى الامارات من أحسن التعبيرات الفارقة بينها وبين الأصول.
(تتمة) مقتضى ما هو المرتكز في أذهان العقلاء، عدم صحة الاحتجاج بشيء، إلا إذا أحرزوا حجيته، فمع الشك في حجية شئ لا يحتجون به، بل ينكرون الاحتجاج به غاية الانكار، فيرون صحة الاحتجاج مع الشك في الحجية متنافيين، فما هو المعروف بين الاعلام، من أن مقتضى الأصل عدم حجية كل ما شك في حجيته، مطابق لما هو المركوز في الأذهان، وإن استدلوا بشئ فليس إلا إرشادا إليه، ثم إنه قد خرج عن هذا الأصل موارد، نتعرض لها إن شاء الله تعالى.
(القول في حجية الأصول اللفظية) وما يستند إليه العرف والعقلاء في استكشاف المراد من الأصول الجارية في مباحث الألفاظ، كأصالة الحقيقة، أو العموم، أو الاطلاق، وفيها جهات من الكلام.
الأولى، إنه قد يرجع هذه الأصول الوجودية إلى أصل عدمي واحد، وهو أصالة عدم القرينة على خلاف الحقيقة، ولكن الارجاع مبني على مبنى أبطلناه سابقا، وهو قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة، لأنه بناء على عدم جواز ذلك، وقبحه يكون عدم القرينة كاشفا عن واقع المراد، ويثبت بها الحقيقة، وأما بناء على الجواز، وأن المصلحة قد تكون في تأخير المراد، فلا يكون عدم القرينة كاشفا عن إرادة الحقيقة، كما هو واضح، إذ يصح للمتكلم حينئذ أن لا يريد الحقيقة مع عدم نصب قرينة على المجازية، فليس مرجع تلك الأصول إلى الأصل العدمي، بل هي أصول معمول بها عند العرف والعقلاء، بحيال ذاتها، من غير أن ترجع إلى شئ، نعم لا بأس بأن يكون الأصل العدمي منقحا لموضوع تلك الأصول الوجودية.
الثانية، هل المدار في حجية الأصول اللفظية على الظهور الفعلي، فلا تجري عند اتصال الكلام بما يحتمل القرينية، أو يكفي الشك في إرادة الحقيقة فقط، ولو لم يكن