تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٣١
هناك ظهور فعلي، فتجري فيما إذا احتف الكلام بما يصلح للقرينية، وعلى الأول، هل المدار هو الظهور التصديقي، بأن يكون المتكلم في مقام الإفادة والاستفادة، أو يكفي الظهور التصوري، ومجرد ظهور اللفظ في انسباق المعنى منه إلى الذهن لتبادر، أو غيره، وجهان، أوجههما الأول، من كل من الشقين، لان عمدة الدليل على حجية الأصول اللفظية، إنما هي السيرة العقلائية، ولابد في مثلها من الأدلة اللبية، من الاقتصار على المتيقن، نعم ليس المدار على التصديقي الفعلي الشخصي منه، بل المدار على النوعي دون الشخصي، لقيام السيرة على ذلك، كما لا يخفى.
الثالثة، هل المدار في حجية الظهور على خصوص من قصد إفهامه، أو يعمه وغيره، الحق هو الثاني، لقضاء العرف والسيرة بذلك، بلا فرق في ذلك بين ظواهر كلام الآدميين والكتاب المبين، وما جاء عن سيد المرسلين والأئمة المعصومين، وما يقال فيها من إنا نعلم إجمالا بإرادة خلاف الظاهر في جملة منها، وهذا مانع من حجيتها، مدفوع بأنا نعلم إجمالا بإرادة خلاف الظاهر فيها بمقدار، لو تفحصنا لظفرنا بها، وقد تفحصنا وظفرنا بموارد خلاف الظاهر، والحمد لله تعالى، فمقتضى الحجية موجود، ولا مانع في البين.
ثم إنه ما أقصر نظر من قصر حجية الظواهر بغير الكتاب، بزعم أن نزوله لمحض الاعجاز، لا الإفادة والاستفادة، أو للعلم الاجمالي بوقوع التحريف فيه، أو لما ورد من حرمة تفسيره، إذ كيف نزل القرآن لغير الإفادة، مع إنه قانون عام لحفظ نظام المعاش والمعاد، مع إن الامام " ع " قد أحال جمعا من أصحابه في موارد كثيرة إلى الاستفادة منه، والعلم بالتحريف على فرض قبوله، ليس مانعا، لخروج جملة من آيات القرآن عن مورد الابتلاء، كالقصص والحكايات ونحوها، وفي مثله لا أثر للعلم الاجمالي، كما حققناه في محله، ثم منع كون العمل بالظواهر من التفسير الممنوع، كيف أرجعوا " ع " أصحابهم إلى استنباط الاحكام من ظواهر الكتاب، كما لا يخفى على من راجع كتب الاخبار والأحاديث، وما ظاهره المنع اتباع ظواهر الكتاب، مخصوص بمن قال: حسبنا كتاب الله، وأصحابه لا مثل من يأخذ ظواهر الكتاب عمن خوطب بالكتاب، ثم إنه لو اختلفت القراءة في كلمة من القرآن، فالظاهر هو التساقط، كما هو الأصل في تعارض كل حجة، ما لم يقم دليل على الخلاف.
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»