تنبيه وتقسيم آخر وهو إن المستصحب قد يكون حكما فعليا تنجيزا، كما إذا علم بوجود زيد ووجوب إكرامه بالأمس، فشك في بقاء الوجوب، وقد يكون حكما تعليقيا منوطا بشئ هو وجود موضوعه أو حصول أمر آخر أو ملازما وتوأما مع حكم آخر، وقد وقع النزاع في جواز الاستصحاب التعليقي، فلا بأس بالتعرض بأقسامه وبيان محل الكلام منه، فنقول إن الحكم إما مطلق أو معلق على شئ، والحكم المعلق على شئ يكون على نحوين، فتارة يكون الحكم بنحو يدعو إلى إيجاد الموضوع وتحصيله مهما أمكن، وعليه فيحكم العقل بوجوب تحصيل الموضوع مع التمكن، وإلا فيحكم بعدم وجوبه من باب عدم القدرة مثل الامر بشرب الدواء، فإطلاق الخطاب يقتضي إيجاده أي تحصيل الدواء وشربه، إلا أن لا يتمكن فيسقط من هذه الجهة، وأخرى يكون الحكم منوطا بوجود الموضوع ومشروطا به ولا يدعو إلى إيجاده كوجوب إطعام الستين، فإنه كالواجب المشروط فإن الوجوب مشروط بوجود شرطه ولا يحرك إلى إيجاده، وعلى هذا فلا يحكم العقل بإيجاد الموضوع بل إن وجد من باب الاتفاق يجب إتيانه، وإلا فلا يجب تحصيله ولو مع فرض التمكن والقدرة، والصورة الأولى تشرك مع الثانية في قيام الحكم في كل منهما بالذات ونسبة الحكم في كل منهما إلى الذات من قبيل نسبة المحمول والعرض إلى المعروض، ولكن في الثانية مضافا إلى قيام الحكم بالذات له إناطة بوجود الموضوع بحيث لو لم يوجد لا يجب تحصيله ولو مع التمكن من ذلك، ومن هذا القبيل القضايا الحقيقية فإن فعلية الحكم فيها مترتبة على فعلية الموضوعات، وفرضيته تابعة لفرضية الموضوع، فمن هذه الجهة يصح إطلاق هذا القسم من الحكم بالوجوب المشروط كما إنه ليس على المكلف تحصيل الشرط بأن يحصل الاستطاعة في الحج، أو يحصل النصاب في الزكاة، كذلك لا يجب عليه تحصيل المسكين ولو بجعل الغنى فقيرا عند التمكن مقدمة للامتثال إذا تبين وظهر إن الوجوب المطلق في لسان الخطاب يكون على نحوين أحدهما يلائم القضية الحقيقية دون الاخر، علم إنه لا مجال للقول بأنه إذا الحكم في لسان الخطاب
(٣٣٢)