الخطاب بالاستصحاب فالعقل يطبق الكلي على مصاديقه، ويحكم بأنها محكومة بحكمه، وهذا التطبيق العقلي غير مختص بصورة إحراز الحكم الواقعي بل هو ثابت عند إحراز الحكم الأعم منه ومن الظاهري، وتارة ينظر إلى الافراد المشكوكة، فلا يستصحب الوجود بل يحكم ببقائها بحسب العدم الأزلي، فيجري الاستصحابان ويتعارضان، ولعل مراد النراقي من تعارض الاستصحابين، نعم لا مجال لجريان الاستصحابين فيما إذا كان المنظور واحدا والنظر متعددا، لاستحالة اجتماع اللحاظين المتنافيين دفعة، وأما على تقدير أن يكون لنا كبريان منظوران بأن كان أحدهما مستقلا بالجعل والاخر مجعولا بتبع الجعل الأول، فلا قصور في جريان الاستصحابين وتعارضهما، فبالنظر إلى استصحاب الطبيعة ينطبق الحكم على الافراد الحادثة فعلا، وبالنظر إلى هذا الفرد المشكوك يحكم بعدم الحكم له، فيتعارض الاستصحابان أي استصحاب عدم حكم الفرد المشكوك واستصحاب الطبيعة السارية، فظهر إنه لا مجال للحكم بعدم جريان استصحاب العدم إذا تعلق الحكم بالطبيعة السارية وكان الزمان ظرفا للموضوع كما قاله العلامة الأنصاري قدس الله سره بانقلاب العدم بالوجود قطعا، ثم لا يخفى إنه إذا أخذ الزمان قيدا مفردا للموضوع كما إذا قال يجب إكرام زيد في كل يوم، قال الشيخ (ره) لا مجال لجريان استصحاب الوجود عند الشك، بل يجري استصحاب العدم لان الموضوع يتعدد بتعدد الأيام، وكأن زيدا يصير أشخاصا مختلفة باختلاف الأزمنة، فما علم بثبوت الحكم له مغاير لما يشك فيه، فلا يبقى للاستصحاب مجال، لكن نحن نسأل عنه رحمه الله، بأنه إذا ورد خطاب في الشريعة السابقة بلفظة أكرم زيدا في كل يوم، ثم شك في الشريعة الثانية في وجوب الاكرام، بأنه هل نسخ هذا الحكم أم لا، ففي المقام بقول الشيخ رحمه الله للاستصحاب مجال، وبعبارة أخرى إذا جعل اليوم قيدا لموضوع الاكرام في كل يوم، فيصير زيد حينئذ بمنزلة موضوعات عديدة، ولو ورد مثل هذا الخطاب في الشريعة السابقة، وبتجدد الشريعة شك في بقاء هذا الحكم للشك في ورود النسخ والنهي عن الاكرام في الشريعة اللاحقة، فلا إشكال في المقام بجواز استصحاب عدم النسخ، وثبت ببركته وجوب إكرام زيد في الشريعة اللاحقة أيضا، فتلخص مما
(٣٢٣)