تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٢٩٠
تخلل عدم في البين بدون دخل خصوصية فصل من الفصول في ترتب الأثر، فلا مانع من استصحاب الجسم الجامع بين تلك الأمور المتفصلة بالفصول المختلفة الطولية، فالاستصحاب في المقام نظير الاستصحاب في الألوان والمشككات، غاية الامر في ذاك يشك في تبدل حد بحد، مثل تبدل الحمرة الضعيفة بالشديدة، أو بالعكس، وفي المقام يشك في تبدل فصل بفصل، فكما قالوا بجريان الاستصحاب هناك بهذا الملاك، يقول بجريانه في المقام أيضا، لكن الذي يكون في المقام هو أن يقال بأنه وإن جاز بالدقة العقلية أن يصدق عليه البقاء ولكن في نظر العرف يكون الجسم المتفصل بفصل مباينا مع الجسم المتفصل بفصل آخر، والمفروض إن المدار في البقاء هو النظر العرفي لا الدقي، فوجود الجسم بالصورة الملحية مغاير معه بصورة أخرى عرفا ومتحد معه عقلا ودقة، وربما يكون عكس ذلك مثل الكر إذا أخذ مقدار يسير بمثل رأس الإبرة، فإن مقتضى النظر الدقي العقلي أن لا يصدق على البقية إنها عين ما كان ولكن بالنظر العرفي يصدق إنه باق بعينه، ولما أثبتنا في محله إن المدار في تشخيص الموضوع والحكم بأن الباقي عين ما كان هو نظر العرف لا على الدقة العقلية، فلا مجال للاستصحاب في هذه الصورة أيضا، فتحصل إن القسم الثاني من الثالث لا يجري فيه الاستصحاب أصلا، والقسم الأخير من القسم الثالث من استصحاب الكلي أن يكون الشك في وجوده مسببا عن تبدل حد بحد، مثل ما إذا علم بالسواد أو الحمرة لشئ بالمرتبة المتوسطة مثلا، ثم علم بارتفاع هذه المرتبة بالخصوص وشك في تبدلها من حد بحد آخر ليس في غاية البعد عما كان بحيث لا يعد متحد الوجود، ونقل إن الشيخ قدس الله سره لما قسم القسم الثالث من استصحاب الكلي إلى قسمين، وقال بعدم جريان الاستصحاب فيهما ونسب ذلك إلى الأردكاني (ره) واستشكل عليه بإحداث هذا القسم الثالث فنقل للشيخ وصوب جريان الاستصحاب فيه، لكن لا بأس بملاحظة إن إدخال هذا القسم الأخير في القسم الثالث من استصحاب الكلى في محله أم لا، وتوضيح ذلك يحتاج إلى بيان مقدمة وهي إن الطبيعي تارة تصير محدودا بحد ومرتبة من المراتب الوجودية، تحصله وامتيازه عن ساير الطبايع كالفصول، وأخرى يصير محدودا بحدود مشخصة للافراد وموجبة لتميز بعضها عن الاخر بعد اشتراكها فيه، فإذا
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»