وأخرى مشروطة بأول الوجود المعبر عنه بصرف الوجود، فإن لوحظت على النحو الأول وهي التي يعبر عنها بالطبيعة السارية فتنطبق على الكثير دون القليل ولا يسقط الامر بها إلا بإتيان جميع الافراد العرضية التدريجية، فلها جهة سعة وهي إنها ليست تصدق بالانطباق على أول الوجود وجهة ضيق وهي اعتبار سريانها في الافراد كلها، ولا يحصل الامتثال ببعض منها وإن اعتبرت على النحو الثاني فدائرة إطلاقها وإن كانت أوسع جهة من ذلك لأنها قابلة الانطباق على القليل والكثير، كالماء حيث إنه ينطبق على القطرة وعلى البحر، إلا أن فيها ضيق من جهة أخرى فإن انطباقها على فردا وأفراد عرضية مشروطة بعدم كونه مسبوقا بوجود فرد آخر، ولكن القسم الأول لا يكون مشروطا بذلك مثلا إذا كان الكلي منحصرا في فردين أو ثلاثة متدرجة الوجود المستلزم لعدم انطباق الكلي عليها في زمان واحد، فحينئذ تصدق الطبيعة السارية على كل منها في موطنه إذ لا يكون الانطباق والصدق مشروطا بعدم وجود الاخر، ولكن في صرف الطبيعة لا ينطبق إلا على أول الوجود، ولذا يحصل الامتثال في طرف الأوامر بأول الوجود لأنه تمام المطلوب، فانطباق صرف الوجود على الافراد الطولية لا يكاد أن يكون عرضيا بل على نحو التبادل، فلو انطبق على فرد أو أفراد عرضية ابتداء فلا ينطبق على الاخر بعده، فيحصل لصرف الوجود ضيق من جهة كون الشرط في حصول الامتثال به وفي انطباقه على فرد مثلا عدم مسبوقية هذا الفرد لفرد آخر وله سعة من جهة آبائه عن الانطباق القليل والكثير فينطبق على زيد في ظرف عدم عمرو وبالعكس، فإذا كان الامر في ظرف الوجود كذلك ففي طرف العدم أيضا مثلا، فإن نقيض الوجود المشروط هو العدم كذلك فيكون عدم الطبيعة المعتبرة بنحو صرف الوجود بعدم فرد في ظرف عدم الافراد للاخر والعدم في ظرف العدم ملازم مع عدم تمام الافراد يعني العدم في ظرف العدم ليس متحدا مع مجموع الاعدام وعدم تمام الافراد بل ملازم مع تمام الاعدام، فليس في البين إلا عدم واحد مساوق مع تمام الاعدام، فلا يثبت باستصحاب العدم نقيض صرف الوجود، فتحصل إن نقيض صرف الوجود ليس نفس عدم الطبيعة المتحد مع مجموع الاعدام بل نقيضه هو العدم في ظرف العدم
(٢٧٥)