ولا العلم الاجمالي سار إلى متعلق الشك، فإذا علم بأن زيدا أو عمرا في الدار، فهنا علم بعنوان إجمالي قابل للانطباق عليهما وشك في عنوان يخصهما، فإذا شك في بقاء ما علم أولا فهما واردان على موضوع لم يكن بذي أثر إذ المفروض إنه لزيد بالخصوص أو لعمرو مثلا، وأما في بقية الصور ففي بعضها لا بأس باستصحاب الفرد المردد كما لا بأس باستصحاب الكلي التمامية أركانه، وبالجملة فاستصحاب الفرد والمردد غير مختل الأركان في بعض، ومختل من حيث اعتبار الأثر في سائر الصور، وببيان أوضح لو علم بوجود شخص في الدار فشك في بقائه، فلا يخلو إما أن يكون الشك ناشئا من احتمال خروجه أو موته، أو من احتمال إنه زيد الذي بقي قطعا إلى الان دون عمرو الذي لو كان لما بقي بالجزم، وإذ لا كلام في اتحاد متعلق الشك واليقين في الأول، فصرفه إلى الثاني الذي ربما يتوهم إنه لا مجال للاستصحاب فيه لاختلال ركن من أركانه وهو اتحاد المعلوم والمشكوك، فإن العلم قد تعلق بالفرد المردد والشك إنما هو في خصوصية الفردين لا في بقاء ما علم فإنه قطعي الانتفاء على تقدير، ومقطوع البقاء على تقدير آخر، فلا شك فيه، فنقول لا ريب في إن العلم لا يجتمع مع الترديد فإنه من شؤون الجهل وعدم العلم، فاجتماعهما من باب اجتماع الضدين أو النقيضين، ومن بداهة استحالته وتضادهما يعلم إن متعلق العلم والشك متغايران ذهنا وإن اتخذا خارجا والوجدان شاهد على ذلك أيضا، فإن من رأى شبحا عن بعد أو سمع صوتا من وراء الجدار يعلم بأن البعيد شئ وفى وراء الجدار مصوت، ويجزم بذلك بحيث يخبر بهما عن جزم ويحلف عليهما أيضا، لكنه لو سئل عنه إن المصوت إنسان أو غيره أو زيد أو عمرو، يجيب بلا أدري، فما يدري ويعلم مغاير لما لا يدريه بل يحتمله، فالعلم متعلق بعنوان ذاتي أو عرضي لذلك الشخص المرئي الخارجي ولا يتردد فيه، وإنما الترديد في انطباقه على ما يحكي عنه بعنوان الزيدية أو العمرية، فمن هذا يعلم إن متعلق العلم هنا صورة مجردة عن خصوصية التعنون بعنوان زيد أو عمرو وإلا لزم إما اجتماع الترديد معه أو انفكاك الشك عن العلم الاجمالي، وإذا ثبت وظهر إن متعلق العلم صورة مغايرة لصورة يحتمل اتحادهما خارجا وإن الأولى حاكية عن معنى لا يأبى عن اتحاده مع المحكي بزيد أو عمرو، فهي منتزعة عما يتشاركان فيه من
(٢٦٤)