تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٢٦٠
هو تنزيل المؤدي منزلة الواقع بجعل المماثل، وكان النهي في لا تنقض اليقين متوجها إلى اليقين لا المتيقن، وقد تقدم إنه لا مجال لتحكيم الامارة على الاستصحاب، وأما تطبيقه على ما ثبت بالامارة عند الشك في بقائه، فالظاهر إنه لاوجه له لان الامارة لا تحدث يقينا بالواقع، لا وجدانا ولا تنزيلا، وقد يتوهم إمكان تطبيق الاستصحاب بتقريب إنا ببركة قيام الامارة نعلم إجمالا بثبوت حكم مردد بين الواقعي والظاهري، الذي لابد لنا من امتثاله على التقديرين، فإن مؤدي الامارة إما مطابق للواقع فيكون الحكم الواقعي محققا يلزم اتباعه لقيام الحجة عليه، وإما مخالف لكنه وظيفة ظاهرية، فإذا شك في بقائها فيمكن تطبيق الاستصحاب عليه ببركة هذا العلم الاجمالي مثلا إذا قامت البينة على نجاسة شئ ثم شك في بقائها، فلنا استصحابها لتمامية أركانه، وكذا فيما قامت على الطهارة ثم شك في زوالها، فتستصحب الطهارة السابقة، وبالجملة ففي المقام ولو لم يكن يقين وجداني ولا تنزيلي بالحكم الواقعي فقط، إلا إن لنا يقين مردد بين الواقعي والظاهري، ولكن نقول إن لهذا التوهم على السببية مجال، وأما على الطريقية فلا مجال له، لان شأن الامارة على الطريقية عدم إحداث حكم، فهي إما مطابقة فالنجاسة حقيقية، وعلى تقدير المخالفة فمفادها حكم صوري، فالمعلوم لما كان مرددا بين النجاسة الحقيقية والصورية فلا علم بالمحكم على أي تقدير، فيختل ركن من أركان الاستصحاب، هذا بالنسبة إلى نفس المؤدي من حيث إنه حكم، وأما من حيث إنه موضوع لوجوب الاجتناب وحرمة الاكل والصلاة فيه، فالامر كذلك لان كلا من هذه الآثار أثر، لكن من النجاستين لا للجامع المعلوم بالاجمال، فالعلم لم يتعلق بماله أثر، فما له الأثر وهو كل من الخصوصيتين لم يعلم، وما علم به لا أثر له، فلا وجه لتطبيق الاستصحاب، نعم هناك تقريب آخر وهو أولى من الأول، وهو أن يقال إذا قامت الامارة على نجاسة شئ فبها يعلم نجاسة شخصية مرددة بين الواقعية والظاهرية، وهي على كل تقدير موضوع لحكم العقل بوجوب الاجتناب رفعا للضرر المحتمل، وهذا المقدار كاف في كون المستصحب ذا أثر، فإذا شك في بقائها فلنا استصحابها لتحقق الأركان، وأما كون العقل حاكما بوجوب الاجتناب، فلانه لا يفرق بين الاحكام الطريقية والحقيقية ويحكم بوجوب الامتثال من باب دفع
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»