لمنع الشك في البقاء مع القطعين التقديريين وجه كما لا يخفى، وبالجملة فلا قصور في موردية الفرد المردد كالكلي للاستصحاب من حيث اليقين بهما والشك فيهما، إلا إنه لا يجوز استصحاب الأول بخلاف الثاني، لاعتبار كون مورده أثرا أو ذا أثر، فإذا كان مرتبا على خصوص زيد أو عمرو ولم يعلم بالخصوصيتين لان مورد العلم والشك وهو العنوان الانتزاعي ليس موضوعا للأثر، وما هو موضوعه ليس متعلقا للحالتين، وأما إذا رتب الأثر في لسان الدليل على الجامع الذاتي، فالأركان بتمامهما حاصلة، فيجري فيه الاستصحاب، هكذا ينبغي أن يحرز المقام ويفرق بين الموردين، وبالجملة ليس الفرق بين الفرد المردد والقسم الثاني من الكلي ما زعمه بعض بل هو ما قلنا وقررنا من أن الاستصحاب لا يجري في الفرد المردد لعدم توارد الحالتين على موضوع الأثر وهو الشخص الخارجي المحكى بعنوان إجمالي مورد للشك واليقين، ثم إن الاستصحاب الكلي له صور عديدة، فتارة يشك في بقاء الكلي من جهة الشك في بقاء الفرد المعلوم وجودا من جهة إن زيدا في عالم التحليل ينحل إلى خصوصية، وإن الطبيعة توجد بوجود أفرادها، وإن الشك في بقاء الفرد ملازم مع الشك في بقاء الطبيعة، فإنهما متحدان حدوثا وبقاء، فيصير اليقين بحدوث الفرد ملازما لليقين بحدوث الكلي الطبيعي، وكذا الشك في بقائه ملازما للشك في بقائه، وأخرى يستند الشك في بقاء الطبيعة إلى الشك في وجود فرد آخر مقارنا لانعدام ما كان، ففي الأول لابد أن يلاحظ إن الأثر مختص وراجع إلى الطبيعي فقط أي إلى جهة الانسانية مثلا، وأما خصوصية الزيدية فخارجة عن تحت الأثر، كما إن القضايا الطبيعية كلها من هذا القبيل، ومنها قول المولى جئني بماء، فإن الخصوصيات كلها خارجة عن تحت الامر وموضوعها هي الطبيعة القابلة للانطباق على أي ماء من المياه، وإنما الخصوصيات من لوازم الوجود ولا تكون داخلة تحت الطلب والامر، أو الأثر مترتب على مجموع الجهتين، أو على الجهة المميزة دون المشتركة، فإن كان من الأول فظهر إن جهة من الفرد كانت تحت الأثر، وجهة منه خارجة عنه، وإن الأثر في كبرى الدليل مختص بجهة الانسانية لا الخصوصية، فحينئذ لاستصحاب الكلي مجال لتمامية الأركان فيه، وأما القول بشمول دليل التعبد للفرد بكلتا الخصوصيتين فهو من الأغلاط،
(٢٦٨)