مطلق بخلاف البينة، فدليل البينة مفاده إلغاء احتمال الخلاف، ومقتضاه حكومة الامارة على الأصل، لا يقال إنه لا جزم بانطباق الاستصحاب على مورد الشك في الحكم الظاهري بل على مورد الشك في الواقي أيضا بعد اليقين به، فإنه يحتمل أن يكون في البين حاكم أو وارد على الأصل فلا ينبغي الاخذ به إلا في صورة القطع بانتفائهما رأسا، فإنه يقال إن هذا الاحتمال كاحتمال وجود المخصص والمقيد لا يعتني به ولا يمنعنا عن الاخذ بالظاهر المشمول لدليل حجيته، ولذا ترى الأصحاب يأخذون بالعموم والاطلاق ويرجعون إلى الاستصحاب ما لم يظفروا بالمخصص والحاكم والوارد، ونحن بعد تقريبنا جريان الاستصحاب في الحكم الظاهري الثابت بالامارة نقول إن الانصاف عدم جريانه لان دليل التعبد بالبينة والخبر بناء على كونه ناظرا إلى تنزيل المؤدى وجعل المماثل لا ثبوت المجعول على الاطلاق ومن جميع الجهات، بل لو كانت الامارة قائمة على ثبوت الموضوع كالطهارة مثلا من جهة عدم زوالها بالبول، فدليل التعبد يفيد ثبوتها من هذه الجهة فقط ولا دلالة على ثبوتها من جهة عدم وقوع حدث آخر، فثبوت الطهارة من سائر الجهات عدى جهة عدم صدور البول مما لم يقم عليه دليل ولم يحرز بعلم أو غيره، بل هو مقطوع العدم حينئذ، فلا مجال لاستصحابها.
تنبيه قد يكون مورد الاستصحاب كليا وقد يكون فردا مرددا، وفى الثاني، تارة يكون الفردان تحت جامع ذاتي مثل الحدثين الأصغر والأكبر وزيد وعمرو، فإنهما تحت جامع جنسي كالحدث أو نوعي كالانسان، وتارة لا يكون بينهما جامع ذاتي لكنهما يندرجان تحت عنوان عرضي كعنوان أحد الفردين وإحدى الخصوصيتين، وعلى كل من التقديرين فلا ريب في تعلق العلم بالجامع العرضي أو الذاتي بواسطة العلم بإحدى الخصوصيتين على الاجمال، وعلى كل، فتارة يترتب الأثر على الجامع الذاتي مثل عنوان الانسان الجامع الذاتي بين زيد وعمرو، أو عنوان الحيوان الجامع الذاتي بين البق والفيل، أو عنوان الحدث الجامع بين الأكبر والأصغر، وأخرى على