يجري ولا إشكال فيه، لان الحجة على الملزوم حجة على اللازم هذا، وأما ثانيا فلانه يلزم أن يقال بتعارض قاعدتي التجاوز والفراغ مع البينة، أو عدم جريانهما عند قيامها على نجاسة ماء حصل منه التوضي غفلة، فوقعت الصلاة بعده ثم زالت الغفلة، فشك في بطلان الصلاة وصحتها، فإن الشك في البطلان حينئذ قد يتسبب عن الشك في زوال النجاسة وطرو الطهارة فيما بعد قيام الامارة، وقد يستند إلى الشك في نجاسة الماء من الأول إلى احتمال زوالها على تقدير ثبوتها، والأول من الشكين وإن كان مجرى الاستصحاب، إلا إنه لما ثبت تقديم القاعدة عليه، فيؤخذ بها دونه، وأما الثاني فلا يدفع له بالاستصحاب المحكوم بالقاعدة، فإنه لم تقم البينة إلا على نجاسته بالفعل لا من أول الامر، غاية الامر يحتمل إنها كانت كذلك، فحينئذ تقوم البينة في قبال القاعدة ويقتضي كل منها ضد مقتضى الاخر، فإما أن يقال بتساقطهما بالتعارض والرجوع إلى قاعدة الطهارة تصحيحا للصلاة، ولازمه القول بطهارة الملاقي لمورد البينة أيضا، أو بتقديم البينة على القاعدة نظرا إلى إنها لو قدمت عليها لا يلزم ما كان يلزم من تقديم الاستصحاب عليها من لغوية جعلها، وكل منهما مما لا يلتزم به أحد، وبالجملة إن لازم القول بجعل الحجية للامارة وعدم اعتبار اليقين في الاستصحاب كما هو المختار (للكفاية)، أما الالتزام بتقدم الامارة على قاعدتي التجاوز والفراغ مع إنها غير حاكمة عليهما، وأما بتعارضهما مع البينة في مثل المثال المفروض ولا يلتزم به أحد، فمن فساد اللازم نكشف عن فساد الملزوم والمبني، ومنه يعلم إن أدلة الامارات لا دلالة لها على جعل الحجية وإثباتها، بل المتسالم عليه إنها حاكمة على الأصول، فينكشف عن إنها منزلة بمنزلة العلم، وإن أدلتها ظاهرة في ذلك كما بيناه أيضا في تقرير الكاظمي مرارا في غير مقام، وربما يورد على الكفاية إشكالان آخران، ويعد كلام المحقق الخراساني في هذا التنبيه صدرا وذيلا ومتنا وهامشا من غرائب الكلام ومما لا ينبغي صدوره، أما الأول منهما فمحصله إن عد المنجزية من المجعولات، والقول بأن الامارات منجعلة مع إن المنجزية كالسببية وغيرها مما لا تناله يد الجعل، وإنها أمر يعتبره العقل بعد الوصول والكشف ولا يتحقق بدونه، فإنه دائر مداره عقلا أمر غريب ما كنا نترقبه منه، وأما الثاني فهو إنه لو لم يكن اليقين معتبرا في
(٢٥٨)