تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٢٣٨
لا يصحح أن يقال إن الشرطية بحقيقتها جاءت من قبل الشارع، بل إضافة الشرطية إلى الوجوب جاءت من قبله، وكذا المانعية، فهذا السنخ من الأمور لا مجال لانتزاعه عن التكليف والقول بترتبه عليه، فكم فرق بين الجزئية للواجب وبين الشرطية والمانعية، فلا يتوهم إن الشرطية للواجب من الأحكام الوضعية لان الحكم ما كان بحقيقته مستندا إلى الحاكم، إما بلا واسطة أو مع الواسطة، لا ما كان بإضافته مستندا إليه كالشرطية والمانعية، وإلا لجاز عد كل ماله إضافة إلى الواجب من المكان والزمان والسبب والفاعل وغير ذلك من الأحكام الوضعية، ولم يلتزم به أحد، وأما شرطية الشئ للوجوب لا الواجب، ويعبر عنه بالسببية مثل سببية الدلوك للوجوب، فهي تابعة للمسبب من حيث الحقيقة والاعتبارية، فإن كان المسبب أمرا واقعيا عينيا فالسببية منتزعة عما فيه خصوصية بها يترتب عليه هذا المسبب، وأما إن كان أمرا اعتباريا كالملكية والوجوب على المشهور، فالسببية تابعة لإناطة الوجوب والملك بشئ كالدلوك والعقد، فإن الشارع إذا جعل الحكم فقد يقصد بالانشاء تحقق ذات الوجوب من دون جعل شئ قيدا له، فينتزع منه الاطلاق، وتارة يقصد تحقق الوجوب المنوط بشئ، فينحل الجعل الواحد إلى جعل الوجوب وجعل الإناطة، فتنتزع السببية من الإناطة الحاصلة من رتبة جعل الوجوب لا عما يتأخر عنه، فلا يبقى حينئذ مجال للقول بانتزاعهما عن التكليف، كما إنه تارة يقصد الملكية بالحيازة مثلا، فيقول من حاز ملك، فتصير الملكية منوطة بالحيازة، وتارة يقصد الملكية المطلقة من دون إناطتها بشئ، نظير عالم التكوين، فإنه قد يخلق شيئا من دون كونه منضما إلى شئ، كخلقة لبنة واحد، وتارة يخلقه منضما إلى الاخر، فكذا في عالم التشريع، فتارة يجعل الانشاء فقط سببا للملكية فيعبر عنه بالملكية المطلقة، وتارة يجعله سببا لها بانضمام شئ آخر، وهذه الخصوصية تجئ من قبل الانشاء وقصده، فبجعل واحد يجعل الوجوب والإناطة ومن هذه الإناطة تنتزع السببية، فالسببية جاءت من قبل الإناطة المتحدة مع جعل الوجوب، فلا تأخر لها عنه، فما يقال من إن السببية للوجوب أو الملك كالدلوك والحيازة والعقد مثلا مجعولة شرعا، فهو في غير محله إن أريد من ذلك مجعوليتها بالاستقلال، كالقول بانتزاعيتها عن التكليف، فالإناطة
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»