شرطية الدخول وسببيته للوجوب سواء قصد بهذا الكلام حصول ذلك أم لا، حتى لو قيل بأني ما جعلت الدخول شرطا للوجوب لما يسمع إلا إذا علم منه إلغاء الإناطة المذكورة، وأما ما يقال من إن السببية تابعة لخصوصية في الشئ تكوينا، فلا تناله يد الجعل، فهذا مما لا ينبغي أن يتعرض في المقام، فإن الكلام في السبب الجعلي والاعتباري القابل لان يجعل بإناطة الطلب لشئ وأن لا يجعل بأن لا يناط بشئ، وهذا أجنبي عن التكويني المذكور، وملخص القول إن هذه الأمور من الأحكام الوضعية غير قابلة للجعل الأصيل بالذات، لكن لا يخفى إنها مجعولة بالتبع وبالواسطة، فهي أمور انتزاعية عن التكاليف وخصوصيتها، لكن لا بأس بتوصيفها بالمجعولية أيضا، والمانعية أيضا مثل ما تقدم، ولوضوح الامر في انتزاعية هذا الصنف ذهب الشيخ (ره) إلى ذلك مطلقا، ومثل بالجزئية وأمثالها إثباتا للمدعى، وأما القسم الاخر فهو لا يتحقق إلا بالانشاء والجعل ولا ينتزع عن الحكم التكليفي وليس متأخرا عنه رتبة، بل الامر بالعكس من هذه الجهة، هذا كالملكية والحق الذي هو أيضا من مراتبها الضعيفة والولاية والوكالة وغيرها، فإنها مأخوذة في موضوع كثير من الأحكام التكليفية، كحرمة أكل أموال اليتامى والتصرف في مال الغير بغير إذنه وعدم إعطاء السفهاء أموالهم، فإن المال المضاف إلى الأشخاص موضوع لهذا الحكم، والإضافة عين الملكية أو ناشئة عنها فهي مأخوذة من الموضوع ومتقدمة على حكمه كما لا يخفى، وعليه فلا يعقل أن تكون منتزعة عنه ومسبوقة به بحسب المرتبة، وكل ما تقدم منا كان تكرارا لما بين فيما سبق وتقريرا لما هو المعروف من متأخري متأخر الأصحاب من انتزاعية الصنف الأول من الأحكام الوضعية، ولكن للنظر في ذلك مجال ويظهر وجهه بعد مقدمتين (أحديهما)، إن المنتزع المترتب على الحكم التكليفي على نحوين، فتارة تكون إضافة العنوان الحاصل للشئ فيما قبل الوجوب وإنشائه، مترتبة على الوجوب وفي طوله لا نفس العنوان المضاف، لأنه قد كان عند ما لم يكن وجوب على الفرض، وهذا نظير الزمان والمكان وغيرهما مما يحكى عن الشئ ولا يتبدل بإضافته إلى الواجب وعدمها، فإذا جعل الوجوب يترتب عليه جواز إضافة هذه الأمور إليه وإلى الواجب، وإلا فلا، فالإضافة متأخرة
(٢٣٤)