تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ١١٩
جهة، وإنما هي في مقام بيان نفس الوجوب عن المضطر إليه فقط، وأما إثبات وجوب الباقي، فلا بد فيه من المراجعة إلى العرف، والظاهر اختصاص حكم العرف بالوجوب، بخصوص صورة يصدق عليه إنه ميسور الواجب، ومن مراتب وجوده عرفا، لا مبانيا محضا مع الكل بالأنظار العرفية، وحينئذ يمكن إثبات وجوب الباقي بالقاعدة المعروفة، بقاعدة الميسور المستفادة من قوله عليه السلام: الميسور لا يسقط بالمعسور، أي بسقوط المعسور، ومقتضى عدم سقوطه بقائه في عهدة المكلف، بالنحو الذي كان سابقا في العهدة، وجوبا أو استحبابا، إن قيل النهي عن السقوط، إن كان مولويا وجوبيا، فلا يشمل المندوبات، وإلا فلا تقتضي الوجوب في الواجبات أيضا، يقال أن جملة (لا يسقط) في مقام الاخبار عن عدم سقوط العهدة، بما اشتغلت به، واجبا كان أو مندوبا، ولا ريب في إن عدم السقوط، عبارة أخرى عن الثبوت، واشتغال الذمة به، فيستفاد طلب تفريغ الذمة بنحو اشتغلت به، واجبا كان أو مندوبا، ثم إن المنصرف من قوله عليه السلام، الميسور الخ، هو ما يصدق عليه أنه ميسور للكل عرفا، وقد ظهر من جميع ما مر في القاعدة، صحة التمسك بقوله عليه السلام (مالا يدرك كله لا يترك كله)، فإن الجملة الانشائية فيه، أيضا إخبار عن عدم فراغ الذمة عما اشتغلت به، وبقاء طلب تفريغه، بنحو اشتغلت به، ولا ريب أن المستفاد منه عرفا، هو سلب العموم، لا عموم السلب، كما لا يخفى، وقد يستدل أيضا بقوله صل الله عليه وآله (إذا أمرتكم بشئ، فأتوا منه ما استطعتم)، ولكنه مخدوش بظهورها في أفراد الطبيعة، لا إجزائها، كما لا يخفى، وإن كان إرادة الجامع من الشئ ممكنا، والموصول على وجه يشمل الافراد والاجزاء، وكيف كان ففيما سواه كفاية، فيستفاد منها تعين ما هو مصداق الواجب في حال الاضطرار، فتكون حاكمة على دليل المركب، بشرح مصداقه بحسب حال الاضطرار، ولازمه الاجزاء أيضا، إذا لم يدل دليل خارجي على حرمة تفويت الاختيار، وإلا فلا مجال لاستكشاف تمام المصداق للواجب، مما مر من الأدلة، وحينئذ إطلاق دليل المركب يقتضي إتيانه ثانيا.
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»