المقام، ثم لا يخفى إن ما يدور أمره بين المانعية والقاطعية، إما أن يعلم بالنهي عنه، أو لا، وعلى كل فإما أن يكون اعتبار الهيئة الاتصالية في المكلف به محرزا بالقطع، أو باستكشافه عن ثبوت القاطع القطعي له، أم لا، فهذه صور أربعة، منها أن يكون اعتبار الهيئة معلوما، ولو من جهة العلم بقاطعية شئ آخر لهذا العمل، كالنهي عن هذا المنافي، ولا شك في أنه لا يلزم من الترديد في المانعية والقاطعية، شك في الأقل والأكثر، وذلك لان اعتبار أحد الامرين من الهيئة، أو عدم ما نهى عنه، غيريا مولويا، أو إرشاديا معلوم إجمالا، فلا يتصور اليقين بالأقل، والشك في الزايد، وحكم هذه الصورة بطلان العمل بإيجاد هذا المنافي، للعلم بإبطاله، لأنه موجب لفوت الشرط، أو تفويته، ومنها أن يكون النهي معلوما، دون اعتبار الهيئة، ولا يخفى أن هذه الصورة مشابهة للصورة السابقة، من حيث إن الامر فيها، لا يدور بين الأقل والأكثر، وذلك لاحراز تقيد المأمور به بأحد الامرين، من عدم هذا الشئ، فيكون وجوده منهيا عنه، لمانعيته، والهيئة التي هذا قاطعها، وصارت منهية بملاك القاطعية، من هذا النهي المعلوم، فلا وجه للرجوع إلى الاستصحاب، أو البراءة في شئ من المحتملين، ومنها أن يشك في النهي عن الشئ في الصلاة، ثم يشك في إنه على تقدير كونه منهيا عنه، يكون مانعا أو قاطعا للهيئة الاتصالية المعتبرة المحرزة بالقاطع القطعي، ولا بأس بإجراء البراءة عن الالزام بعدمه، لشرطية، أو عن نفس شرطية، وباستصحاب بقاء الهيئة في ظرف وجوده، ومنها أن لا يكون النهي ولا اعتبار الهيئة معلوما ومحرزا أصلا، ويكون الشك في القاطعية على تقدير تعلق النهي به، مسببا عن الشك في اعتبار الهيئة الاتصالية في العمل المأمور به، وفي هذه الصورة لما كان كل من قيدية الهيئة، وعدم هذا النهي مشكوكا بالشك البدوي، ويدور الامر بين وجوب العمل مقيدا بأحدهما، وبين عدم تقيده بشئ منهما، وتقدم إن المختار جواز إجراء البراءة عن الأكثر عند التردد في وجوبه، ووجوب الأقل، فتجري في كليهما، ويحكم بعدم إخلال المشكوك، وبصحة العمل من دون احتياج إلى استصحاب الهيئة والصحة، حتى يخدش فيه، ويمنع عن جريانه، لفقد العلم بالحالة السابقة، ثم لا يخفى إنه قد يقال لا دلالة للنهي عن الشئ في أثناء العمل، حتى في صورة القطع بعدم نفسية هذا النهي على قاطعية المنهي، إذ يمكن أن يكون لمانعيته، وعلى تقدير
(١٠٦)