واما ما كان منها مأخوذا من الأدلة الشرعية كأصالة البراءة المأخوذة من قوله رفع ما لا يعلمون وقوله كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهى وكذا أصالة الطهارة ففي تقديم الاستصحاب عليها إشكال من جهة ان كلا من قاعدة الاستصحاب والقاعدتين المذكورتين حكم مجعول من الشارع في موضوع الشك ولا وجه لتقديم أحد القاعدتين على الأخرى سواء جعلنا الشك بالموضوع فيها بمعنى التردد في النفس أم جعلناه بمعنى عدم الطريق إذ على الثاني كل ما قدم من القاعدتين يكون رافعا لموضوع صاحبه واستراح شيخنا الأستاذ دام بقاؤه في هذا المقام بما أفاده سابقا من وجه تقدم الأمارات على الاستصحاب وحاصله ان الشك المأخوذ في الأصول هو الشك من جميع الجهات فإذا علم الحكم بوجه من الوجوه ارتفع ذلك الموضوع وقد علمنا الحكم بعنوان نقض اليقين بالشك فلا مجال للأخذ بالحكم المعلق على عدم العلم بوجه من الوجوه أقول ليت شعري ما الفرق بين البناء على الحالة السابقة الذي هو حكم الشك في باب الاستصحاب والبناء على الإباحة الذي هو أيضا حكم الشك في باب البراءة وهكذا البناء على الطهارة الذي هو مفاد قاعدة الطهارة وما الذي رجح الاستصحاب حتى صار منشئا للحكم بهذا الوجه وارتفع به موضوع الأصل المخالف له وقال شيخنا المرتضى قده في وجه تقدم الاستصحاب على أصالة البراءة ما لفظه ان دليل الاستصحاب بمنزلة معمم للنهي السابق بالنسبة إلى الزمان اللاحق فقوله عليه السلام لا تنقض اليقين بالشك يدل على ان النهي الوارد لا بد من إبقائه وفرض عمومه وفرض الشيء في الزمان اللاحق مما ورد فيه النهي أيضا فمجموع الرواية المذكورة والمراد بها كل شيء مطلق
(٦٢٨)