درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ٢ - الصفحة ٣٤٦
في مورد الشك كالإباحة إذا اقتضى أدلة الأصول ذلك لأن المانع المتصور هنا اما لزوم الالتزام بشخص الوجوب أو الحرمة وهذا ينافي الالتزام بالإباحة واما لزوم الالتزام بالواقع المردد على ما هو عليه اما الأول فمفقود لما عرفت واما الثاني فليس بمانع لعدم المنافاة بين الالتزامين كما انه لا منافاة بين نفس الحكمين لما حقق من عدم المنافاة بين الأحكام الواقعية والأحكام المجعولة في موضوع الشك ومع عدم المنافاة بين نفس الحكمين لا يعقل ان يكون الالتزام بأحدهما منافيا للالتزام بالاخر هذا في الواقعة الواحدة التي لم تكن لها مخالفة عملية أصلا واما الوقائع المتعددة كما لو دار الأمر بين وجوب صلاة الجمعة دائما أو حرمتها كذلك فالكلام في عدم وجوب الالتزام بشخص حكم من الشرع من الوجوب أو الحرمة بل حرمته هو الكلام فيما سبق واما الالتزام بالحكم المخالف فمبنى على جريان دليل الأصل الدال على الإباحة وهو موقوف على عدم حكم العقل بقبح المخالفة تدريجا والحق عدم جريان دليل الأصل لأن المخالفة التدريجية قبيحة عند العقل كغيرها إذ غاية ما يقال في عدم قبحها ان الفعل في الزمان الآتي ليس متعلقا لتكليفه الفعلي بل التكليف المتعلق به مشروط بوجود الزمان الآتي والتكليف الفعلي ليس له مخالفة علمية قطعية أو يقال بان المخالفة العملية القطعية وان كانت قبيحة مطلقا الا ان الأمر في المقام دائر بين الاكتفاء بالموافقة الاحتمالية حتى لا يوجد مخالفة قطعية أو الموافقة القطعية المستلزمة للمخالفة القطعية ولا نسلم ان العقل يعين الأول اما الأول فهو باطل لما حققنا في مبحث مقدمة الواجب من ان الواجب المشروط بعد العلم بتحقق شرطه في محله يكون كالمطلق عند العقل فراجع فالتكليف المتعلق بالفعل في الزمان الآتي في حكم التكليف الموجود الفعلي عند العقل فكما انه لو علم بوجوب أحد الشيئين فعلا يجب عليه الامتثال بالإتيان
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»