درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ١ - الصفحة ٦٠
وأما فعل الماضي فالظاهر ان دلالته على مضى صدور الفعل عن الفاعل مما ليس قابلا للإنكار والمقصود من المضي المضي بالنسبة إلى حال الإطلاق حتى يشمل مثل يجيء زيد غدا وقد ضرب غلامه في الساعة التي قبل مجيئه ولا يخفى ان المعنى الذي ذكرنا غير اعتبار الزمان في الفعل لأن المضي قد ينسب إلى نفس الزمان ويقال مضى الزمان فمن أنكر اعتبار الزمان في الفعل الماضي ان كان مقصوده ما ذكرنا فمرحبا بالوفاق وان أنكر دلالته على المضي الذي ذكرنا فالتبادر حجة عليه واما المضارع فقد اشتهر انه يدل على نسبة الفعل إلى الفاعل في زمان أعم من الحال والاستقبال فلن أريد من الحال الحال الذي يعتبر في مثل قائم وقاعد وأمثالهما عند من اعتبره فالوجدان شاهد على خلافه لظهور عدم صحة إطلاق قولك يقوم على من كان متلبسا بالقيام فعلا وكذلك قولك يقعد على من كان متلبسا بالعقود واما إطلاق يصلى ويذكر ويقرأ ويتكلم وأمثال ما ذكر على المتلبس بتلك المبادي فإنما هو بملاحظة الاجزاء اللاحقة التي لم توجد بعد كما انه يصح الإطلاق بنحو المضي بملاحظة الاجزاء الماضية السابقة وكذا يصح التعبير بنحو الوصف نحو ذاكر ومصلي وقارئ ومتكلم بلحاظ ان المجموع وجود واحد متلبس به فعلا.
والحاصل ان إطلاق صيغ المضارع يصح فيما لم يكن الفاعل حين الإطلاق متلبسا بالفعل وان أراد من الحال الحال العرفي أعني الزمان المتصل بحال الإطلاق فهو مرتبة من مراتب الاستقبال وليس فعل المضارع دالا الا على الاستقبال نعم لما لا يدل على مرتبة خاصة من الاستقبال يصح إطلاقه على أي مرتبة منه ولو أطلق الحال على هذه المرتبة من الاستقبال يمكن إطلاقه على هذه المرتبة من الماضي أيضا فهلا قيل بان فعل الماضي يدل على الماضي والحال وكيف كان تحصل من جميع ما ذكرنا ان الماضي يدل على انتساب المبدأ
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»