درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ١ - الصفحة ٦٣
ملاحظة ما ذكرنا في المقام تكفي المتأمل حجة من ذهب إلى ان المشتق موضوع للأعم من المتلبس ومن انقضى عنه المبدأ أمور مذكورة في الكتب المفصلة والجواب عنها يظهر لك بأدنى تأمل ومن جملتها استدلال الإمام عليه السلام بقوله تعالى لا ينال عهدي الظالمين على عدم لياقة من عبد الصنم لمنصب الإمامة تعريضا بمن تعدى لها بعد عبادته الأوثان مدة (1) ومن المعلوم ان صحة الاستدلال المذكور تتوقف على كون المشتق موضوعا للأعم إذ الظاهر ان حال الإطلاق متحد مع حال عدم نيل العهد فلو لم يكن حقيقة فيما يصح إطلاقه حال الانقضاء لما صح التمسك بالآية لعدم قابلية الجماعة المعهودين الذين تصدوا الإمامة والجواب ان الظلم على قسمين قسم له دوام واستمرار مثل الكفر والشرك وقسم ليس له الا وجود انى من قبيل الضرب والقتل وأمثال ذلك وهو بمقتضى الإطلاق بكلا قسميه موضوع للقضية والحكم المرتب على ذلك الموضوع امر له استمرار إذ لا معنى لعدم نيل الخلافة في الآن العقلي فإذا جعل الموضوع الذي ليس له الا وجود انى موضوعا لأمر مستمر يعلم ان الموضوع لذلك الأمر ليس الا نفس ذلك الوجود الإني وليس لبقائه دخل إذ لا بقاء له بمقتضى الفرض فمقتضى الآية والله اعلم ان من تصدى للظلم في زمن غير قابل لمنصب الإمامة وان انقضى عنه الظلم ولا يتفاوت في حمل الآية الشريفة على المعنى الذي ذكرنا بين ان نقول بان المشتق حقيقة في الأخص أو في الأعم إذ الحكم المذكور في القضية ليس قابلا لأن يترتب الا على من انقضى عنه المبدأ فاختلاف المبنى في المشتق لا يوجب اختلاف معنى الآية فلا يصير احتجاج الإمام عليه السلام بها دليلا (2) لإحدى الطائفتين كما لا يخفى.

(1) أصول الكافي: باب طبقات الأنبياء والرسل، ج 1، ص 75.
(2) لا يقال بل يصير دليلا للقائل بالأعم لعدم تمامية الاحتجاج على القول الاخر لحصول الإجمال بواسطة تعارض ظهور مادة الظلم في شمول القسمين مع ظهور هيئة القضية في وحدة زمان عدم النيل مع زمان جرى الظلم ولا ترجيح لأنا نقول ظهور المادة أقوى فانا وان لم نقل بانصرافها إلى الافراد الآتية من قبيل القتل والضرب وشبههما ولكن دعوى قوة ظهور هذه الافراد منها بحيث تأبى عن التخصيص بغيرها وإخراج هذه عنها غير بعيدة بل قريبة جدا (منه)
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»