درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ١ - الصفحة ١٦٨
قلت الأحكام الشرعية التي تدل عليها الأدلة على قسمين تارة يستظهر من الأدلة انها أحكام فعلية تعلقت بالموضوعات بملاحظة جميع الخصوصيات والضمائم وأخرى يستظهر منها أحكام حيثية تعلقت بموضوعاتها من حيث هي أعني مع قطع النظر عن الضمائم الخارجية وما يكون من قبيل الثاني يتوقف فعليته على عدم عروض مانع للعنوان يقتضى خلاف ذلك الحكم الجاري عليه نظير قوله الغنم حلال فان الحلية وان كانت مجعولة الا ان هذا الجعل لا يلازم الفعلية في جميع افراد الغنم فان الغنم الموطوءة أو المغصوبة حرام مع كون الغنم من حيث الطبع حلالا وليس إطلاق الحلال على طبيعة الغنم مع كون بعض افرادها حراما جاريا على خلاف الاصطلاح بل يصح إطلاق الحلال بالمعنى المذكور على خصوص الفرد الحرام أيضا إذ المعنى ان هذا الفرد مع قطع النظر عن كونه مغصوبا مثلا حلال إذا عرفت ما ذكرنا فنقول إطلاق المكروه على الوجود الذي يكون فعلا مصداقا للواجب لاتحاده معه نظير إطلاق الحلال على الفرد المجامع مع الحرام من الغنم بمعنى ان هذا الوجود مع قطع النظر عن اتحاده مع الواجب يكون مكروها هذا واما أول القسمين من الثاني أعني ما إذا تعلق النهي بالعبادة مع خصوصية زائدة كالصلاة في الحمام فمحصل الكلام فيه ان النهي المتعلق بتلك العبادة الخاصة لا بد وان يرجع إلى نفس الخصوصية أعني كونها في الحمام وقد مر بيانه في مقدمات المبحث فحينئذ نقول هذا النهي اما لبيان الكراهة الذاتية لهذه الخصوصية وان لم يكن وصف الكراهة الفعلية موجودا نظير ما قدمنا فيكون اللازم كون هذا الفرد أقل ثوابا من ساير الافراد وعلى هذا يكون هذا النهي مولويا يستفاد منه الكراهة الشرعية واما ان يحمل على الإرشاد وترغيب المكلف إلى إتيان فرد آخر من الطبيعة يكون خاليا عن المنقصة ويستكشف الكراهة الذاتية منه بطريق الآن
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»