تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ١٦

____________________
وعلى الاكتفاء بالعلو الخالي عن ملاحظة الاستعلاء بأن من الظاهر في العرف إطلاق " الأمر " على الصيغ الصادرة من الأمير بالنسبة إلى الرعية والسيد بالنسبة إلى العبد، وإن كان المتكلم بها غافلا عن ملاحظة علوه حال الخطاب كما يتفق كثيرا.
ومما يرشد إلى ذلك انحصار الطلب الصادر من المتكلم في الأمر والالتماس والدعاء، ومن البين عدم اندراج ذلك في الأخيرين فلابد من اندراجه في الأول.
والمحكي من حجة القول الخامس أولا: قياس " الأمر " على الخبر، وثانيا: قوله تعالى حكاية عن فرعون لملائه ﴿فماذا تأمرون﴾ (1) وقول عمرو بن العاص لمعاوية: " أمرتك أمرا جازما فعصيتني " وقول الآخر ليزيد بن المهلب: " أمرتك أمرا جازما فعصيتني فأصبحت مسلوب الإمارة نادما ".
والجواب أما عن حجة القول الأول فعن وجهها الأول: بأن ما ذكر في الاستدلال من صدق " الأمر " مسلم إن كان القائل عاليا ولكنه لا يقضي باعتبار الاستعلاء، وإنما هو لأجل العلو من دون أن يكون للاستعلاء مدخل فيه، والذي يرشد إليه صدق " الأمر " فيما لو صدر عنه الصيغة مع ذهوله عن علوه وارتفاعه، مع أنه لا استعلاء فيه من جهة أن إظهار علو النفس وارتفاعها باعتبار الرتبة يلزمه عدم الغفلة والذهول. وأما لو كان مساويا بجميع الجهات الآتية أو دانيا بواحد من الاعتبارات فقول " الأمر " بما صدر منه من الصيغة بمكان من المنع، كيف ولو أخبر المساوي عن نفسه بالأمر أو أسنده إلى نفسه بقوله: " أمرته بكذا " مع ثبوت مساواته يوجب الضحك ويرمي بكونه مزاحا واستهزاء، كما أنه لو قال به الداني بالقياس إلى من هو أعلى منه رتبة بعد ظهور حاله يكون مستهجنا ومستقبحا، وكل ذلك آية ورود هذا الإطلاق في غير محله.
وعن وجهها الثاني فأولا: بمنع جعلهم الفارق بين الأمور المذكورة كون الطلب على سبيل الاستعلاء وغيره، كيف وأن الواقع في كلامهم ليس إلا إناطة الفرق بعلو الرتبة ومساواتها ودنائتها.
وثانيا: منع اعتبار هذا الفرق - على تقدير تسليمه - في كلام بعضهم، كيف وما قررناه من شواهد العرف يوجب الوهن في ذلك.
ومن هنا ينقدح ما في الإسناد إلى الأكثر ونقل الاتفاق من الوهن الموجب لسقوط

(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 6 7 9 13 16 18 21 22 26 28 ... » »»