تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٩

____________________
وعلى هذا القياس صحة إسناد " الأمر " إلى من هو له، فيصح أن يقال: " فلان أمر أو يأمر بكذا " و" أنا أمرتك أو آمرك بكذا " وليس كذلك إسناد التلفظ، فلا يقال: " فلان تلفظ أو يتلفظ بكذا " و" أنا تلفظت أو اتلفظ بكذا " مع أن الحد يتناول لمثل ﴿والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين﴾ (1) " والمؤمنون عند شروطهم " وليس من المحدود في شيء إجماعا (2).
ويمكن دفع الجميع بعدم كون المراد من اللفظ هنا مفهومه بل مصداقه الذي يعبر عنه " بافعل " وموازينه، نعم يرد عليه أنه لا يتناول لما يصدر من العالي الغير الملتفت إلى علوه على سبيل الحتم والإلزام، لفقده القيد الأخير، نظرا إلى أن إظهار العلو يستلزم القصد إليه، وهو مناف للغفلة والذهول، والمفروض كونه من أفراد المحدود جزما بأي معنى يحد.
كما لا وجه أيضا لما عن البلخي وأكثر المعتزلة من أنه: " قول القائل لمن دونه: " افعل " وما يقوم مقامه " ولا لما عن القاضي والغزالي والجويني وأكثر الأشاعرة من تحديده بأنه:
" القول المقتضي طاعة المأمور بفعل المأمور به " ولا لما عن أبي الحسين البصري من أنه:
" قول يقتضي استدعاء الفعل بنفسه لا على جهة التذلل ".
فإن الأول وإن كان يناسب المحدود باعتبار كونه مرادا به المعنى المصدري، غير أنه لا يلائمه باعتبار عدم كونه مما يدور عليه المشتقات الصادقة على ما صدق عليه مشتقات " الأمر " وصفا وإسنادا بالتقريب المتقدم. والباقيان لا يناسبه في شيء من الاعتبارين على ما هو ظاهرهما من إرادة المعنى الاسمي منهما وهو الكلام، والدليل على كل ذلك ما تقدم من الاستهجان العرفي، مع ما في الأوسط من الاختلال من جهة اشتماله على كون الاقتضاء من أوصاف القول، فإنه وصف للآمر، فكيف يصلح وصفا للأمر القائم به، إلا على إرادة التجوز في الإسناد وهو كما ترى.
مع أن الأول منقوض في طرده بما لو أريد من الصيغة ما عدا الإيجاب، من الندب والتهديد والإباحة وغيرها مما يأتي من معانيها، وما لو صدرت الصيغة من الهازل، وما إذا كان القائل ناقلا له، أو غيرها مما يفيد مفاد " الأمر " عن غيره لمن دونه، وما لو كان القائل

(١) البقرة: ٢٢٣.
(2) فإن قلت: كيف تدعي الإجماع على عدم كونه أمرا مع أنهم لا يزالون يستدلون به وبنظائره على استفادة الأمر.
قلت: مفاده أمر ونحن نسلمه، والكلام في أن لفظه لا يسمى أمرا عندهم والمفروض أن الحد يشمله، فيخرج غير مطرد. (منه).
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 2 3 4 6 7 9 13 16 18 21 22 ... » »»