تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٦

____________________
عدم القطع بالعدم لكفانا في نفي احتمال التجوز نفي احتمال ملاحظتها عند الاستعمال بالأصل، فإن انتفاء اللازم - ولو ظنا - يقضي بانتفاء ملزومه.
فمما قررنا تبين سقوط احتمال الاشتراك معنى، مع فساد القول به كما عن الآمدي، وبطلان استدلاله بالأصل القاضي بأولوية الاشتراك معنى بالقياس إلى الاشتراك لفظا والمجاز، لكونهما بكليهما على خلاف الأصل.
كما تبين أيضا فساد القول بالحقيقة والمجاز كما عليه الأكثر، مع فساد مستندهم من أولوية المجاز بالنظر إلى الاشتراك، فإن هذه قاعدة تصلح مستندا إذا لم يقم هناك ما يقضي بخلافها، وقد عرفت قيامه من وجوه شتى فعليه المعول. وبملاحظة ما نبهناك من انتفاء لوازم المجاز تعرف بطلان ما قد يستدل به أيضا على المجاز في " الشأن " من عدم الاطراد، إذ لا يصح إطلاق " الأمر " على الأكل والشرب ونحوهما، وصحة الاشتقاق منه على المعنى الأول دون الثاني، واختلاف صيغة الجمع فيهما، مع أنها بأجمعها مدخول فيها عندنا - على ما حققناه في محله - مع توجه المنع إلى منع الاطراد، كيف وأن كل فعل يصح التعبير عنه في العرف ب‍ " الشأن " يصح إطلاق " الأمر " عليه كما لا يخفى على المتدبر.
وعدم صحة إطلاق المشتقات منه بهذا المعنى فعلا أو اسما - كما يصح إطلاق المشتقات من سائر الأفعال - فإنما هو من جهة انتقاء عمدة شرائط الاشتقاق، وهي كون المشتق منه حدثا.
ثم إن هاهنا معان اخر ذكرها بعضهم.
منها: الفعل، فقيل: بكون " الأمر " حقيقة بينه وبين المعنى الأول، فإن أريد به ما يرجع إلى " الشأن " - كما هو ظاهر الأكثر - فلا كلام، وإلا فيتوجه المنع إليه، لعدم تبادره عند الإطلاق، بل وعدم ثبوت الاستعمال فيه بالخصوص.
وما يستدل به عليه من الاستعمال في قولهم: " أمر فلان مستقيم " وقوله تعالى: ﴿فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد﴾ (١) وقوله أيضا: ﴿وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر﴾ (2) وغير ذلك من الآيات المتكثرة غير قاض بذلك جزما لظهور الجميع فيما ذكرنا، مع إمكان أول ما عدا الأول إلى المعنى الأول، أما في الآية الاولى فواضح الوجه بعد ملاحظة قوله:
" فاتبعوا " نظرا إلى أن المراد بالاتباع الإطاعة - كما نص عليه جمع من

(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 6 7 9 13 16 18 21 ... » »»