تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٢٦

____________________
أو الحمل على إيجاده، وهي بهذا المعنى تستلزم إرادة أخرى وهي تصور ما يكون غاية للفعل، ويعبر عن المجموع المركب ب‍ " الداعي " وكأن الأول منه بمنزلة الجنس حيث لا ينفك عن شيء من الأفعال الاختيارية، والثاني منه بمنزلة الفصل ولذا يقبل التبادل ويعرضه التناوب ويختلف باختلاف الغايات والأغراض، وهو الذي يختلف بتبادل أفراده العنوانات فيندرج الفعل تارة فيما لا حرج فيه وأخرى في خلافه، كاتخاذ العنب لغرض التخليل أو التخمير، وبه يمتاز عمل المخلصين عن عمل المشركين فيتفرد المرائي عن غيره، فإن الغاية المتصورة إن كانت تحصيل الامتثال أو إدراك المثوبات أو الفرار عن العقوبات كان خلوصا، وإن كانت إعلام الغير أو غيره من الأغراض الدنيوية كان رياء وشركا، ولما كان ذلك يتعدد على سبيل البدلية كان اشتراط بعضها في امتثال الواجبات على جهة التعيين يحتاج إلى دليل، بخلاف الأول لانحصاره في الفرد وكونه بعينه لازما لكل فعل وجودي.
ولذا صار المحقق عندنا - فيما يأتي تحقيقه - من كون الأصل في الواجبات التوصلية، وعدم اشتراط الامتثال بها بقصد الإخلاص إلا ما أخرجه الدليل، مع اشتراط قصد أصل الفعل الموجب لعدم كون الصادر عن الغافل والنائم ونحوهما امتثالا.
الثانية: أن الفعل الاختياري - ولو بالواسطة - لابد فيه من المباشرة، وهي قد تتحقق ممن ظهر له صفة الفعل سواء كانت عائدة إليه أو إلى غيره.
وقد تتحقق من غيره مع عود الصفة إليه أو إلى من ظهرت له، فهي على كلا التقديرين لابد فيها من حامل، وهو في الأول منحصر في ظهور الصفة المذكورة المتضمن لتصور أصل الفعل وتصور تلك الصفة كما في مباشرة الإنسان بالأكل والشرب والنوم وغيره من أفعاله الاختيارية ولو بالواسطة، وفي الثاني امور تختلف باختلاف المقامات، ففي مقام التكليف وإن كان الحامل ما تقدم في المقدمة الثالثة (1) مما عبرنا عنه ب‍ " الداعي " إلا أن إيجاد هذا الداعي أيضا لابد فيه من حامل عليه وهو من ظهر له صفة الفعل، فإنه بطلبه تحمل المكلف على إيجاد " الداعي " المستلزم لإيجاد الفعل، فيكون حاملا له على إيجاد الفعل بالواسطة، كما أنه في إيجاد الطلب لابد له من حامل وهو ظهور صفة الفعل المتضمن لتصورين. فقد تقرر مما ذكر أن هذا الحامل قد يدعو الإنسان إلى مباشرته بالفعل بنفسه كما في القسم الأول، وقد يدعوه إلى حمل الغير على المباشرة كما في القسم الثاني، وفي غير مقام

(1) الصواب: المقدمة الاولى، لأن بيان مفهوم " الداعي " قد تقدم في ضمن المعنى الثالث من معاني الإرادة في تلك المقدمة.
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 16 18 21 22 26 28 31 37 39 41 ... » »»