تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٤٤

____________________
الإباحة " مثلا يمد كونها حقيقة في الطلب على سبيل الاستعلاء لأنه حقيقة " الأمر ".
ثم قال قدس الله سره: ومما يؤيد ما قلناه استناد محققي الأصوليين في إثبات الوجوب في الصيغة بقوله تعالى ﴿فليحذر الذين يخالفون عن أمره﴾ (١) و ﴿ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك﴾ (2) ولولا ما ذكرنا لما صح ذلك (3) انتهى.
وأنت خبير بأن ظاهر النظر يعطي رجوع هذا النزاع إلى النزاع الآتي في حكم الصيغة، بدعوى كون غرض القائلين بكونها حقيقة في الوجوب إثبات المطابقة بينها وبين المادة، كما أن مقصد أصحاب الأقوال الأخر نفي هذا المعنى وإبداء كونها أعم منها، فعلى هذا لا وجه لجعل ذلك عنوانا آخر وعده نزاعا مغائرا لما يأتي، إلا أن يوجه ذلك بتخصيص ما يأتي من النزاع بالصيغة من حيث كونها للوجوب وعدمه من دون نظر إلى سائر القيود المعتبرة في لفظ " الأمر " من العلو والاستعلاء، فلا يفرق حينئذ بينها في جريان النزاع إذا صدرت عن العالي أو المساوي أو السافل، بخلاف ما ها هنا فإنه نزاع في أن الصيغ المتداولة في لغة العرب هل يجد فيها صيغة تكون مختصة بالوضع بما صدق عليه لفظ " الأمر " مع جميع القيود المعتبرة فيه أو لا؟
أو يقال: إنه نزاع في أن ما يصدق عليه " الأمر " حقيقة هل هو عبارة عن نفس الصيغة أو ما يدل عليه الصيغة وهو الطلب مع سائر قيوده؟ أو نزاع في أن " الأمر " هل هو طلب بالقول أو مطلقا.
ولقد عرفت في ضمن الحدود المتقدمة " للأمر " أن كل ذلك خلافي عندهم بخلاف ما يأتي، فإنه نزاع في حكم الصيغة على جميع التقادير.
وعلى أي حال فلا ريب أن ما اعتمد عليه قدس الله روحه من الاستدلال في غاية الوهن وليس إلا خبطا عظيما، فإن تبادر " الأمر " عن الصيغة على فرض تسليمه إنما ينشأ عن الأنس التام بمصطلح العلماء من الأدباء وغيرهم، فإن لفظ " الأمر " في لسانهم يطلق تارة على المعنى العرفي المتقدم ذكره مفصلا، كما ينظر إلى ذلك ما سيأتي من العناوين كقولهم: " هل الأمر بالشيء مطلقا يقتضي إيجاب مقدماته أو لا؟ " و" إنه هل يقتضي النهي

(١) النور: ٦٣.
(٢) الأعراف: ١٢.
(3) إشارات الأصول للكلباسي: ص 40.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 37 39 41 43 44 46 48 49 50 51 ... » »»