تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٧

____________________
الأصحاب - فالمناسب له حينئذ إنما هو إرادة الطلب من " الأمر " كما لا يخفى، بل هو المتعين نظرا إلى أن الاتباع بمعنى التأسي الذي يعبر عنه في الفارسية ب‍ " پيروى كردن " لا يضاف إلا إلى الذات فيقال: " اتبع زيدا " ولا يقال: " اتبع فعل زيد ".
نعم الاتباع بمعنى الإطاعة والانقياد المعبر عنه في الفارسية ب‍ " فرمان بردارى " يضاف إلى " الأمر " بمعنى الطلب، فوجب حمله عليها ويلزمه حمل " الأمر " على المعنى الطلبي.
وأما الآية الثانية: فلجواز كون المراد به الأمر التكويني، ويكون إثبات الوحدة له وتشبيهه بلمح البصر كفاية عن سرعة ترتب الكون للكائنات على هذا الأمر بلا تراخ ومهلة، بقرينة ما تكرر منه تعالى أيضا من قوله: ﴿إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون﴾ (1).
ومنها: الحادثة، نص عليها في القاموس وغيره، وقضية حجية قول اللغوي - على ما تقرر في محله - ثبوت الوضع لهذا المعنى أيضا إن أفاد الوصف، وإلا فأصل الاستعمال فيها بالخصوص غير ثابت، وقوله: " عرض بي أمر " ليس نصا في ذلك، لجواز كونه مرادا به ما ذكر، ومن هنا - مع ما سبق - ينقدح ما في القول بالاشتراك بينهما معنى - على ما حكاه الحاجبي والعضدي - كما في كلام بعض الأفاضل.
ومنها: الشيء والغرض والطريق والصفة، كما نقل القول بالاشتراك بينها وبين المعنيين عن أبي ا لحسن البصري.
ومما ذكرنا ينقدح ما فيه أيضا، من عدم ثبوت أصل الاستعمال، وأول الموارد المذكورة - لإطلاقه عليها - إلى ما ذكر، والاستدلال عنه بتردد الذهن وحصول [الترديد] عند سماع قول القائل: " أمر فلان كذا " بينها واضح المنع، فإنه بالنسبة إلى المعنيين مسلم كما تقدم، وأما بالنسبة إلى غيرهما فهو فرع التبادر، وهو غير حاصل جدا.
وأما ما عن بعضهم من اشتراك " الأمر " بين القول المخصوص والأدلة العقلية على وجوب الأفعال، فلعله غير مخالف لما سنحققه، من كون " الأمر " بالمعنى الأول عبارة عن الطلب مع القيود المعتبرة فيه التي يأتي بيانها، من غير فرق فيه بين كونه بالقول أو بغيره، من كتابة أو إشارة أو روع في القلب، أو رؤيا في النوم، وأشباه ذلك، فيندرج فيه ما يستقل بوجوبه العقل، فينطبق عليه حينئذ الأدلة العقلية على وجوب الأفعال، نظرا إلى أن الدليل العقلي عبارة - عندهم عن " حكم عقلي يتوصل به إلى حكم شرعي " ولكنه مبني على

(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 6 7 9 13 16 18 21 ... » »»