تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٥١
حقيقة في الوجوب فقط بحسب اللغة على الأقوى *
____________________
النظر في اللفظ على الوجه الأعم، ولا نوع اللفظ من حيث هو لئلا ينتقض القاعدة المذكورة فليتدبر.
* وكثيرا ما يعبر عنه بالإيجاب، وظاهر الأصحاب عدم الفرق بينهما إلا بالاعتبار، فإن الصادر من الآمر واحد إلا أنه إن قيس إليه باعتبار صدوره عنه كان إيجابا، وإن قيس إليه باعتبار الفعل من جهة قيامه به كان وجوبا، فهما متحدان ذاتا متغائران اعتبارا - كما صرح به بعض الأفاضل وكذلك أخوه في كتابيهما (1) - وعلى هذا القياس اللزوم والإلزام كما في الثاني، وربما يفرق بينهما باختصاص الأول بما لو صدرت الصيغة من العالي بخلاف الثاني، ولعله مبنى على تفسير الوجوب بكون الفعل بحيث يستحق فاعله المدح والثواب وتاركه الذم والعقاب، والإيجاب بطلب الفعل مع عدم الرضا بتركه، وإلا فعلى تفسير الثاني أيضا بالأول أو الأول بالثاني لا يستقيم ذلك جزما.
وربما يذكر بينهما فرق آخر وهو أن الإيجاب دلالة " الأمر " على أن الآمر أوجب الفعل المأمور به والوجوب دلالة " الأمر " على أن المأمور به له صفة الوجوب كما في النهاية والمنية، حتى أنهما جعلا كون الصيغة للإيجاب أو للوجوب خلافا آخر وعدا كلا منهما قولا برأسه.
وفي الأول أن الخلاف في ذلك بين الأشاعرة والمعتزلة، ولعله مبنى على الخلاف المشهور بينهما في حسن الأشياء وقبحها باعتبار كونهما شرعيين أو عقليين.
فعلى الأول - كما عليه الأشاعرة - لا يكون في الواجب صفة يدركها العقل ولو شأنا مقتضية للوجوب، وإنما هو إيجاب حصل من حكم الشارع الذي لولاه لما كان الفعل بالذات صالحا له.
وعلى الثاني - كما عليه المعتزلة - يكون في الواجب صفة مقتضية للوجوب يدركها العقل ولو بكشف الشرع عنها في غير مستقلاته.
وأنت خبير بما في جميع ذلك، أما في الأخيرين فواضح، وأما في الأول فلأن الفعل والكيف عرضان متغايران بالذات والاعتبار معا.

(١) وهما الشيخ محمد تقي صاحب هداية المسترشدين وأخيه الشيخ محمد حسين الإصفهاني صاحب الفصول رحمهما الله تعالى، راجع هداية المسترشدين ١: ٦٠٣ والفصول الغروية: 69.
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 46 48 49 50 51 52 55 58 59 61 ... » »»