تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٤٩

____________________
واعترض عليه تارة: بأن ذلك مبني على حدوث النقل في تلك الصيغة وهو غير ثابت.
وأخرى بأن الاصطلاح المذكور إن ثبت فإنما يثبت في عرف علماء الصرف أو وسائر علماء العربية، وثبوته في عرف علماء الأصول غير معلوم بل الظاهر خلافه، وليس من الاصطلاحات الشائعة الدائرة بين سائر الناس من غير أهل تلك الاصطلاحات كلفظ " الفاعل " و" المفعول " وفيهما الجزم بثبوت النقل وظهور عموم الاصطلاح، فإن علماء الأصول أيضا يتداول في لسانهم صيغة " افعل " في مواضع غير محصورة لا تكاد تخفى على المتتبع، ولا ريب أنه لا يراد به إلا المعنى الأعم.
وأقوى ما يشهد بذلك تحديد بعضهم " الأمر " بصيغة " افعل " كما تقدم، مع أنه لا يفتقر عموم الاصطلاح إلى استبداد كل طائفة إلى الوضع الجديد عندهم، لجواز الجري على اصطلاح طائفة من باب التبعية كما هو الحال في غالب الأمور الاصطلاحية.
ألا ترى أن الأصوليين يطلقون لفظ " الاسم " و" الفعل " و" الحرف " و" الجملة " و " الخبر " و" المبتدأ " ونحوها مما لا يعد ولا يحصى على معان اصطلحها النحاة أو علماء العربية من دون أن يكون لهم فيها اصطلاح خاص، ولا أن يكون تلك الإطلاقات من باب التجوز كما لا يخفى.
ثم إنه ينبغي القطع بخروج مثل قوله تعالى ﴿ولله على الناس حج البيت﴾ (1) من الجمل الخبرية المؤولة إلى الإنشاء، وقوله: " أوجبت عليك الفعل " و" الصلاة واجبة " و" أمرتك بكذا " عن المراد بتلك العبارة، وإن كان إطلاقها يتناولها على أحد الوجهين، لعدم كون شيء من ذلك قابلا للنزاع كما لا يخفى.
وأما مثل " صه " و" آمين " من أسماء الأفعال فدخولها تحت العبارة محل تأمل.
وأما دخولها في محل النزاع ففيه وجهان، من عدم ظهور العناوين بل وظهورها في عدم الشمول، لعدم كونها أمرا أو صيغة " افعل " أو صيغة أمر عندهم، ومن اتحاد المناط من حيث إن مدلولها مدلول " الأمر " أو الصيغة اتفاقا.
ثم إن ظاهرهم عنوانا ودليلا بل وصريحهم يعطي عدم اختصاص البحث بالصيغ الواردة في الكتاب والسنة، فيرد عليهم حينئذ إشكال من وجهين:
الأول: أن هذا البحث لا يظهر له فائدة في غير تلك الصيغ فكيف يجعل محله على الوجه الأعم.

(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 43 44 46 48 49 50 51 52 55 58 ... » »»