تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٧٢
(الثاني: قوله تعالى مخاطبا لإبليس ﴿ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك﴾ (1)) *.
____________________
الفعل، ونحو ذلك مما يدل مخاطبينا عليه لئلا يتضيق عليهم الأمر في تحصيل المطلوب لو كان فيه نوع عسر أو تعب أو صعوبة عليهم، ولا يخفى أن ذلك أيضا من لوازم المجاز.
* وأنت بالتأمل فيما قررناه في ذيل بحث صحة السلب وعدمها من الأمارات تعرف وجه الاستدلال بتلك الآية وما عداها من الآيات والروايات، فإن مآل ذلك أيضا إلى الاستدلال بالتبادر كالوجه الأول، إلا أنه تبادر في مخاطبات عرفنا والإطلاقات المتداولة في عرف زماننا يجده العقل، وذلك تبادر في العرف القديم يكشف عنه النقل، ولعله - لو سلم ناقله عن المناقشات - أقوى وأفيد من الأول، لعدم افتقاره في تتميم الاستدلال به إلى ضم بعض المقدمات كما لا يخفى.
ومن المعلوم بإجماع العلماء الأعلام وبناء قاطبة أهل اللسان أن التبادر كما أنه يوجب المطلوب مع العلم بعدم مدخلية أمر خارج من اللفظ في حصوله، فكذلك يوجبه مع عدم العلم بمدخلية الأمر الخارج فيه.
غاية الأمر مسيس الحاجة إلى ضم أصل ينفي احتمال وجوده أو احتمال الالتفات إليه، فإن كل ذلك أمر حادث ينفى بالأصل عند الشك في حدوثه، ولا ريب في اعتباره أيضا بعد ضم ذلك إليه مع تحقق سائر شرائطه المقررة في محله، فلا وقع حينئذ لما عن بعضهم من المناقشة في الآية بأنها من الخطاب الشفاهي لكون المخاطب بها أولا هو الملائكة وثانيا هو النبي (صلى الله عليه وآله)، والخطابات الشفاهية حكمها مجملة بالنسبة إلى الغائبين، لاحتمال وجود القرينة حين الخطاب واختفائها علينا كما تتفق كثيرا في موارد يكشف عنها الإجماع على إرادة خلاف ظاهر الخطاب، فإن الخطابات الشفاهية بناء على عدم تناولها لغير الحاضرين تصير مبينة بضميمة الأصول الاجتهادية.
ولو سلم، فلسنا نستفيد حكما من الآية حتى يرد علينا قضية الإجمال، بل الغرض الأصلي من النظر فيها إحراز تبادر تكشف عن تحققه في العرف القديم بعنوان الجزم واليقين بالتقريب الذي يأتي بيانه.
غاية الأمر بقاء تشكيك في استناده حين التخاطب إلى ما هو خارج عن اللفظ من

(٧٢)
مفاتيح البحث: السجود (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 67 70 72 73 74 75 76 77 ... » »»