تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٦٧
معللين حسن ذمه بمجرد ترك الامتثال *، وهو معنى الوجوب.
لا يقال: القرائن على إرادة الوجوب في مثله موجودة غالبا * *، فلعله إنما يفهم منها، لا من مجرد الأمر.
____________________
لعدم انفهام الأجزاء العقلية في شيء منها.
* ولا يخفى أن ذلك توطئة لدفع ما يقال أيضا: من أن ذم العقلاء لعله لعلمهم بأن السيد كاره للترك لا لأجل كونه تاركا للامتثال حتى يلزم منه إفادة الصيغة للوجوب، فإن علة الذم والانتقام إذا كان مجرد ترك الامتثال فلا وقع لذلك الكلام، كيف مع أنهم إذا سألوا عن وجه الذم عليه وانتقامه عللوه بعدم امتثاله لأمر سيده، فلولا دلالة الصيغة الصادرة عنه على الوجوب لما كان لذلك التعليل وجه، إذ لا طريق لهم إلى معرفة وجوب الامتثال سواها.
ومن هنا يندفع أيضا ما اعترض: بأنه قد يقع الذم على ترك بعض المندوبات وارتكاب بعض المكروهات فلا اختصاص له بمخالفة الواجب، فيكون الدليل حينئذ أعم من المطلوب، فإنهم يعللون الذم بمجرد ترك الامتثال.
ومن الواضح المتفق عليه أن مجرد ترك الامتثال بالمندوب لا يعد عصيانا ولا يوجب استحقاق الذم ما لم ينجر إلى عنوان آخر محرم في حد نفسه كقصد الإهانة أو عدم الاعتناء بشأن السيد ونحو ذلك، فتوجه الذم لأجل تلك العنوان كلام آخر لا دخل له في المقام، إذ المفروض توجهه هنا لترك الامتثال فلولا وجوبه لم يتوجه جزما.
* * وأنت خبير بأن وجوب الامتثال الموجب لاستحقاق الذم على المخالفة أعم من المطلوب، لجواز استناد انفهامه إلى أمر خارج عن اللفظ من القرائن الحالية أو العادية الموجودة مع اللفظ كعادة السيد، والعطش عند طلب السقي، والجوع عند طلب الطعام ونحو ذلك مما لا يكاد يخفى على المتأمل، فمست الحاجة إلى ضم مقدمة أخرى ليندفع بها تلك المناقشة - التي هي معروفة في الألسنة - وبدونها لا ينهض الاستدلال على المدعى أصلا.
فلا يرد عليها ما أورده بعض الأفاضل: من أنه بعد أخذ قضية التعليل في الاحتجاج لا يتوجه ما أورده بقوله: " لا يقال " إذ بعد ثبوت تعليلهم حسن الذم بمجرد ترك الامتثال لا فرق بين قيام القرائن على إرادة الوجوب وعدمه، إذ غاية ما يلزم من ذلك حينئذ أن تكون القرائن مؤكدة لا مفيدة للوجوب وإلا لم يحسن التعليل، والحاصل إما أن يؤخذ في

(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 61 62 63 64 67 70 72 73 74 75 ... » »»