تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٣١

____________________
كون الامتناع عرضيا ناشئا عن الاختيار صغرى للقياس لكبرى مطوية مناقضة لتلك المقدمة.
فيرجع حينئذ إلى ما أفاده الفاضل المشار إليه من أن استناد استحالة وقوع الإيمان إلى علمه تعالى إن أريد به ما هو بحسب الواقع فممنوع، بل استحالة وقوعه في الواقع إنما هو بالنظر إلى انتفاء أسبابه والعلم به تابع لذلك.
وإن أريد به ما هو بحسب علمنا فلا مانع منه بل لا مجال لإنكاره، لوضوح المقدمتين (1) وتفرع العلم بالنتيجة عليهما، إلا أنه لا يلزم من ذلك سلب القدرة عن المكلف، فإن السبب الباعث على استحالة صدور الفعل منه عدم إقدامه عليه وعدم مشيئته للفعل مع اجتماع أسباب القدرة.
ومن البين أن المستحيل بالاختيار لا ينافي القدرة والاختيار، واستحالة وقوع المشيئة منه - لعدم قيام الداعي إليها - لا تنفي القدرة على الفعل، إذ ليس مفاد القدرة إلا كون الفاعل بحيث لو شاء فعل ولو شاء ترك.
ومن البين صدق الشرطية (2) مع كذب المقدمتين.
ومن هنا نقول بقدرته تعالى على فعل القبيح وإن استحال وقوعه منه نظرا إلى استحالة إرادته له، انتهى (3).
ويشكل ذلك: بأن الإمكان لا يرفع الاستحالة العرضية وإن كان السبب الباعث عليها هو المكلف، ومعه يتم الاستدلال لاستحالة تعلق الإرادة بالمستحيل مع العلم بوصفه العنواني ولو كان عرضيا كما يحكم به ضرورة الوجدان، بعد الإغماض عما قررناه في تصحيح الجواب المتقدم، وإلا فنمنع الاستحالة مطلقا للقدرة على الفعل بسبب القدرة على إيجاد داعيه وهو الإرادة، وهي في كونها شرطا لتعلق التكليف أعم منها بالواسطة.
ولقائل أن يقول في الجواب أيضا - على تقدير تسليم الاستحالة -: بمنع كون أمر

(١) إشارة إلى القياس الذي يرتب لإثبات ما رامه المستدل من استحالة وقوع الإيمان من الكافر، وهو أن يقال: إن الإيمان من الكافر ما علم الله تعالى بعدم وقوعه، وكلما كان كذلك يستحيل وقوعه، فالإيمان من الكافر مستحيل وقوعه (منه عفي عنه).
(٢) والمراد بالشرطية ما يستفاد من قولنا: " القادر من لو شاء فعل ولو شاء ترك " وهذه القضية صادقة على الكافر وإن كذبت مقدمها لأنه لا يشاء الإيمان فلا يكون قادرا على إيقاعه (منه عفي عنه).
(٣) هداية المسترشدين ١: ٥٨٤.
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 21 22 26 28 31 37 39 41 43 44 ... » »»