تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٣٩

____________________
القائمة بنفس المتكلم فلا ربط بينهما، فكيف يجعل أحدهما شرطا للآخر، نظرا إلى وجوب كون الشرط مما يجامع المشروط في محل واحد، وهو غير ممكن ها هنا لمكان التضاد بين محليهما كما لا يخفى. فينسد بذلك باب الإفادة والاستفادة بالمرة وهو كما ترى.
وأما الثالث: فلأن العلم بالإرادة الواقعية إن كان من دلالة ذلك اللفظ لزم الدور، إذ الدلالة على هذا التقدير موقوفة على العلم المذكور.
والمفروض أنه أيضا في اللفظ المجرد موقوف على الدلالة، وإن كان من دلالة غيره لزم عراء الوضع واستعمال اللفظ عن الفائدة أو منافاة حكمته، مضافا إلى لزوم [الدور] أو التسلسل إن كان ذلك الغير لفظا والوجه واضح (1).
فإذا تمهد ذلك عرفت أن الحق في محل الخلاف ما ذهب إليه الأولون من عدم افتقار [دلالة] الصيغة على الطلب إلى إرادة الطلب ولا إلى العلم بها، لكفاية الوضع الثابت فيها مع العلم به في حصولها لكونه سببا تاما، كما هو الحال في سائر الحقائق، على أن مصادفة الدلالة للإرادة في الواقع غير معتبرة في وضع شيء من الألفاظ حسبما عرفت تفصيله.
ولا يذهب عليك، أن البحث في تلك إنما كان من فروع المطلب الثاني الذي وضعناه للبحث عن الصيغة، أوردناه ها هنا تبعا للقوم حيث أوردوه في مباحث لفظ " الأمر " ولك إجراء هذا النزاع في لفظ " الأمر " من حيث إ نه وضع للطلب بل كل ما كان وضعا (2) له، وإن كان كلام الأكثرين لا يساعد ذلك حيث إن الواقع في عناوينهم إنما هو الصيغة دون ما يعم لفظ " الأمر " أيضا، إلا على احتمال زعم الترادف بينهما كما سبق إلى بعض الأوهام وسيأتي ضعفه، ومن هنا ترى بعض الأفاضل (3) بدل الصيغة في العنوان بلفظ " الأمر ".
[الأمر] الثالث:
اختلفوا فيما به يصير الصيغة أمرا على أقوال ذكرها العلامة في النهاية، أشهرها ما عن الجبائيين كما في التهذيب، ومحققي المعتزلة، والسيد - كما في النهاية - من أنها تصير

(١) ووجه ذلك يظهر فيما لو قال المتكلم بعد قوله: " رأيت أسدا " - مثلا - بأنى أردت من " الأسد " الحيوان المفترس، أو يقول: " يفترس " قيدا للأسد، فإن هذا اللفظ أيضا موضوع بإزاء معناه والمفروض أن دلالته على هذا المعنى موقوفة على العلم بالإرادة في الواقع ونفس الأمر، فهذا العلم أيضا إن كان من دلالة هذا اللفظ لزم الدور وإلا فالتسلسل أو الدور أيضا وهكذا (منه عفي عنه).
(٢) كذا في الأصل.
(٣) هداية المسترشدين ١: ٥٩٠.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 26 28 31 37 39 41 43 44 46 48 ... » »»