تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٣٤٤

____________________
المباشرة إلا ما خرج بالدليل، لما ورد من أن المؤمن كل ما يعمل لنفسه من الأعمال الصالحة فيجوز أن يعمل عن الميت، وبه روايات كثيرة أوردها المجلسي في باب أحكام الأموات من طهارة البحار (1).
ليرده: أن مورد تلك الروايات إنما هو الأموات، والكلام في قبول النيابة عن الأحياء ولا يشملهم الروايات، ولا مناط منقحا حتى يؤخذ به، لجواز كون الحياة مانعة عن ذ لك أو الممات شرطا فيه.
ولا يرد: أنه لو صح ذلك لما قبلها الحج الواجب عن العاجز، لجواز كون العجز كالموت من المقتضيات مع أنه لم يثبت إلا فيه، كيف ولم يقل به أحد على الإطلاق عدا ما عزاه السيد في مفتاح الكرامة (2) إلى الشهيد في حاشية القواعد من جواز النيابة في النوافل والرواتب اليومية على الإطلاق، وما يستفاد عن الشهيد الثاني في الروضة من جوازها في بعض النوافل، وصرح بعض المحققين بالمنع عنه مطلقا، وهو الحق حيث لا دليل على ذلك على نحو الإطلاق.
نعم قد ورد الدليل في موارد كقراءة القرآن، والزيارات والحج المندوب والصدقة والدين الواجب وما أشبه ذلك، وأما غيرها فالأصل فيه عدم قبول النيابة لعدم تناول أدلتها له، ولم يكن المناط منقحا، ولا إجماع في البين على الإطلاق ليتمسك بهما، هذا كله بالنسبة إلى الأحياء.
وأما الأموات فقد انقلب الأصل فيهم لما أشرنا إليه من الروايات القاضية بصحة النيابة عن الميت في كل عمل صالح، فقد تقرر بأن الأصل في الأحياء إنما هو لزوم المباشرة إلا ما خرج بالدليل.
الثالثة: قد أشرنا أيضا إلى أن من جملة ما توهم فرقا في المقام اجتماع التوصليات مع الحرام دون التعبديات.
وأورد عليه بعض مشايخنا: بأن التوصلي أيضا غير ممكن الاجتماع معه، تعليلا:
بأن ذلك أمر راجع إلى الآمر، ومعنى اجتماع الواجب مع الحرام أنه تصور الحرام أو القدر المشترك بينه وبين غيره ثم طلبه وأمر به، وهو مما لا يمكن في المقام، إذ الحرام مما طلب تركه، ومعه لا يعقل طلب فعله ضرورة استحالة طلب النقيضين وقضية ذلك أنه لا يتصور إلا غير الحرام.

(١) البحار ج ٨٢ باب ١٤ ص ٦٢.
(٢) مفتاح الكرامة ٧: ٥٥٩.
(٣٤٤)
مفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 339 340 342 343 344 346 347 353 357 360 ... » »»