تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٣٤٢

____________________
في الامتثال بالواجب والمندوب أو لا؟ والأقرب عدم الشرطية وفاقا للمشهور مع فقد الدلالة عليه من حيث اللفظ، لسكوته عنه نفيا وإثباتا، وعدم نهوض دلالة خارجية عليه أيضا، فيبقى الأصول المعتضد بعضها ببعض سليمة عن المعارض.
بقي في المقام فوائد الأولى: إذا ثبت من الخارج أن قصد الامتثال شرط في المأمور به، فهل يكفي في ذلك العلم الإجمالي بالامتثال أو لابد من العلم التفصيلي؟ وهو علمه بأن ما يأتي به من العمل هو الذي أمره الشارع به علما تفصيليا، كالصلاة إلى جهة القبلة مع العلم التفصيلي بكونها جهة القبلة.
قيل: وقد يتوهم أن أدلة الإطاعة تقضي بالثاني، فأورد عليه: بأنه غلط تعليلا بأنها مطلقة، إلا أن المشهور استشكلوا في الاكتفاء بالإجمال مع إمكان التفصيل بل صرحوا بعدم جوازه، فلذا حكموا في مثل الصلاة إلى القبلة بتعين الصلاة إلى ما يعلم كونها قبلة من الجهات تفصيلا، فلا يكتفى مع إمكانه بإتيانها إلى الجوانب الأربع، ومثله ما لو كان له ثوبان أحدهما طاهر بالعلم التفصيلي والآخر بالعلم الإجمالي فيتعين الأول، وهكذا غير ذلك من موارد المسألة، ولا يبعد المصير إليه إن لم يمنعنا صارف، إلا أن المسألة لابد فيها من التأمل فيما بعد ذلك.
الثانية: قد أشرنا سابقا إلى ما توهمه بعضهم من الفرق بين التعبديات والتوصليات باشتراط الأول بالمباشرة النفسية دون الثاني.
وأورد عليه بعض مشايخنا: بأن المباشرة النفسية إن أريد بها استفادتها عن ظاهر اللفظ فلا وجه للفرق بين المقامين لوضوح كونها مستفادة في كليهما، فإن قوله: " اضرب زيدا " ظاهر في المباشرة سواء أريد به التعبدي أو التوصلي.
والسر في ذلك: كونه طلبا للفعل عن فاعله الذي هو المخاطب، ومعنى كونه مطلوبا عن المخاطب مطلوبية صدوره عنه بنفسه وهو معنى المباشرة، فإرادة حصوله في الخارج كيفما اتفق ولو عن غير المخاطب مجاز، لاتفاق علماء العربية على مجازية قوله تعالى: (يا هامان ابن لي صرحا) (1) لكونه من باب الإسناد إلى السبب وهو خلاف ما يقتضيه ظاهر اللفظ، وأصالة الحقيقة تمنعه لقضائها بلزوم المباشرة في كلا المقامين إلى أن يثبت دلالة خارجية على أن المراد مجرد الحصول من أي فاعل كان، فيكون ذلك حاكما على اللفظ

(1) المؤمن: 36.
(٣٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 339 340 342 343 344 346 347 353 ... » »»